الجبايات الحوثية.. سلاحٌ لتجويع الناس وتمويل الحرب

بعد سنواتٍ من المعاناة بسبب إغلاق طريق عدن – صنعاء، الذي يعد أحد أهم الشرايين الحيوية التي تربط شمال اليمن بجنوبه، استبشر اليمنيون أخيرًا بإعادة فتحه وكلهم أمل بأن يُخفف ذلك من أعباء السفر ويُسهّل حركة النقل والتجارة بين المحافظات، غير أن فرحتهم لم تكتمل بسبب ممارسات ميليشيا الحوثي التي حوّلت الطريق من ممر إنساني إلى نقطة ابتزاز وجباية، لتزيد من معاناة المواطنين وتثقل كاهل التجار والسائقين على حد سواء.
استحدثت الميليشيا عدد من نقاط التفتيش على طول الطريق، لتجبر التجار وأصحاب المركبات على دفع إتاوات باهظة دون أي سند قانوني، وحتى الشاحنات المحمّلة بالمساعدات أو البضائع الأساسية لم تسلم من تلك الجبايات.
لم تقتصر هذه الإتاوات على البضائع فحسب، بل تمتد إلى وسائل النقل الجماعي وحتى السيارات الخاصة، حيث تُفرض رسوم مختلفة بحسب حمولة المركبة أو المدينة التي تنتمي إليها، كل هذه الممارسات أدت إلى ارتفاع أجور التنقل بين المحافظات وأثّرت بشكل مباشر على أسعار السلع والخدمات لتعمق أزمة المعيشة التي يعاني منها ملايين اليمنيين.
ما تمارسه الميليشيا الحوثية من جبايات عشوائية يعكس بوضوح رغبتها في تعميق معاناة المواطنين وتحويل حياتهم إلى وسيلة لتمويل حربها العبثية، فهي لا تتردد في استغلال كل فرصة لنهب الناس تحت مسميات مختلفة كـ"المجهود الحربي" و"الزكاة" و"دعم الجبهات" وفرض هذه الإتاوات بقوة السلاح في وقت يعاني فيه المواطن من فقدان أبسط مقومات العيش.
إن معركتنا الحقيقية اليوم هي مع سلطة أمرٍ واقع تمارس الجباية كأداة قمع وتحوّل المعاناة إلى مشروع دائم، ولن نتمكن من التقدّم نحو أي خطوة لتحقيق السلام ما دامت هذه الممارسات مستمرة، وما دامت معاناة اليمنيين تُستغل لتغذية مشروعٍ طائفي لا يعرف للرحمة معنى.