”زامل حوثي في حفل بالساحل الشمالي بمصر يُشعل مواقع التواصل… وحسن الشافعي يخرج عن صمته”

أثار الموسيقي والملحن المصري الشهير حسن الشافعي جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، بعد عزفه لزامل شعبي يمني خلال أحد حفلاته الأخيرة على الساحل الشمالي، حيث تداخلت ردود الفعل بين الانتقاد الشديد والدفاع عن الفعل الفني، ما دفعه إلى إصدار أول رد رسمي يوضح من خلاله موقفه ونيته الحقيقية.
البداية: زامل يُعيد فتح جراح سياسية
216.73.216.109
بدأ الجدل عندما تم تداول مقطع فيديو من حفل حسن الشافعي، يُظهره وهو يؤدي أغنية من فن تقليدي يمني يعرف باسم "الزامل"، وهي أداة شعرية شعبية تُستخدم في المناسبات المختلفة، لكنها في السنوات الأخيرة أصبحت مرتبطة – في سياق معين – بخطابات ميليشيات مسلحة، خصوصًا في اليمن.
وسرعان ما لاحظ رواد مواقع التواصل أن بعض الكلمات أو الأسلوب الموسيقي المستخدم يُشبه تلك التي تعتمدها جماعة الحوثي في تراثها الإعلامي والتعبوي.
الانتقادات تدفقت سريعًا، حيث اعتبر كثيرون أن استخدام هذا النمط من الزامل، حتى لو كان جزءًا من التراث، قد يُفهم خطأً على أنه تأييد أو تضامن مع جماعة متهمة بارتكاب انتهاكات وحرب دموية، ما يُعدّ إساءة للسياق الإنساني والسياسي الحساس في اليمن.
اتهامات بالاستخدام غير الواعي للرموز السياسية
أشار نشطاء وناشطون يمنيون وعرب إلى أن "الفن لا يمكن أن يكون بريئًا من السياق"، مؤكدين أن الفنان مسؤول عن اختيار ما يُقدّمه للجمهور، خصوصًا في قضايا تمسّ حروبًا دامية وآلام شعوب.
وقال البعض: "ليس من المعقول أن نستورد التراث اليمني ونُقدّمه دون تمحيص دلالاته الحالية، فالكلمة قد تكون قديمة، لكنها اليوم حملت رموزًا أيديولوجية خطيرة".
وأضاف معلقون: "حسن الشافعي فنان محترم، لكنه تجاوز الحدود الفنية إلى ما قد يُفهم كتماهٍ مع خطاب عنيف، وهذا يُشكل إشكالية أخلاقية أكثر من كونها فنية".
ردود فعل إيجابية: دعم للفن والتراث
في المقابل، برزت أصوات تدافع عن الشافعي، خصوصًا من مثقفين يمنيين ومهتمين بالفن الشعبي.
فقد رأى هؤلاء أن استخدام الزامل لا يعني بالضرورة تبنيًا سياسيًا، بل هو محاولة نبيلة لتقديم التراث اليمني الغني للجمهور العربي والعالمي، خصوصًا في وقت تُهمَش فيه الثقافة اليمنية وسط الدمار والحرب.
وأكد بعض المتابعين أن "الزامل جزء من الهوية اليمنية، ولا يمكن حصره بجماعة سياسية واحدة"، مشيرين إلى أن هذه الأغاني كانت تُستخدم في المناسبات الاجتماعية والدينية قبل أن تُستَخدم في السياق المعاصر.
حسن الشافعي يُفاجأ بالجدل ويعتذر: "كنت أقصد الحفاظ على التراث لا الترويج للعنف"
في أول رد رسمي له على الجدل، تواصل الإعلام مع حسن الشافعي، الذي أبدى استغرابه من حجم الردود السلبية، مؤكدًا أنه لم يكن على دراية بالسياق السياسي الذي أصبحت الزامل مرتبطة به.
قال الشافعي: "أنا بعيد كل البعد عن أي انتماء سياسي أو دعم لأي جهة متورطة في العنف أو الحرب. ما كنت أقصده هو تقديم التراث اليمني الأصيل كما هو، ضمن مشروع فني أعمل عليه لدمج الفلكلور العربي بالموسيقى الحديثة والإلكترونية."
وأضاف: "كنت أعتقد أنني أُسهم في إحياء تراث مهدد بالاندثار، لكنني فهمت الآن أن بعض الكلمات أو الأشكال قد اكتسبت دلالات جديدة لا علاقة لها بالأصل، وهذا شيء لم أنتبه إليه."
قرارات فورية: إزالة الأغنية واعتراف بالخطأ
وأوضح الشافعي أنه قرر حذف المقطع المُثير للجدل من جميع منصاته الرسمية، كخطوة استباقية للتعبير عن احترامه لحساسية الموضوع، ولضمان ألا يُفهم عمله على نحو خاطئ.
وأضاف: "أتحمل كامل المسؤولية عن سوء التقدير هذا. الفن رسالة، ويجب أن تكون دائمًا في خدمة السلام والجمال، وليس في خدمة أي صراع. أُقدّر كل من أرسل لي ملاحظاته، فقد ساعدوني في رؤية الصورة بشكل أوسع."
خطة مستقبلية: إعادة صياغة العمل برسالة سلام
وأعلن الشافعي عن نيته إعادة صياغة الأغنية أو استبدالها بنسخة جديدة تُحافظ على الطابع الموسيقي والتراثي، لكنها تحمل رسائل إنسانية وداعمة للسلام، مؤكدًا أن مشاريعه الفنية المقبلة ستُخضع النصوص لتحليل دقيق من قبل خبراء في اللهجات والثقافات المحلية.
وقال: "أعاهد جمهوري أنني سأكون أكثر وعيًا في المستقبل. الفن لا يمكن أن يكون عبثيًا، بل يجب أن يكون بانيًا، ومُوحّدًا، وليس مصدرًا للانقسام."
هل انتهى الجدل؟
رغم اعتذار الشافعي وحذف المقطع، لا يزال الجدل مستمرًا بين المتابعين، إذ يرى البعض أن الفنان استجاب بسرعة وبلغة راقية، في حين يصر آخرون على أن "النية الحسنة لا تكفي" في عصر تُستخدم فيه الرموز بذكاء لبناء خطابات أيديولوجية.