”اليمن يفقد آخر مصنع سجائر محلي… والنتيجة صادمة!”

في خطوة تُعد الأشد حدة منذ سنوات، أوقفت جماعة الحوثي، وفق مصادر مطلعة في صنعاء، عمل مصنع شركة "كمران" للسجائر بشكل كامل، وأوقفت صرف منتجاتها للموظفين والمستهلكين على حد سواء، في ما يُعتبر إغلاقًا رسميًا فعليًا للمصنع، يهدد بانهيار اقتصادي كبير وكارثة اجتماعية تطال أكثر من ألف عائلة.
216.73.216.105
وأكدت المصادر أن قرار الإغلاق لم يكن نتيجة أسباب فنية أو اقتصادية طبيعية، بل جاء كـ"مؤامرة داخلية ممنهجة برعاية رسمية" من قبل سلطات الحوثيين، بهدف تصفية مؤسسة اقتصادية مستقلة، وتحويل السوق إلى أيدي تجار التهريب المقربين من النظام، الذين يسيطرون على توزيع السجائر المهربة من الخارج عبر الحدود اليمنية-السعودية، وبأسعار تضخمية تفوق الأسعار المحلية بنحو 300%.
وأشارت المصادر إلى أن القرار جاء بعد أشهر من الضغوط المتواصلة، حيث فرضت الجماعة على مصنع كمران ضرائب غير قانونية تصل إلى 1.2 مليار ريال يمني شهريًا (ما يعادل أكثر من 2 مليون دولار أمريكي)، وهي مبالغ لا تمت بأي صلة لقانون الضرائب المعتمد، بل هي "رسوم ترهيب" تُفرض بالقوة، دون أي إثبات قانوني أو فواتير رسمية، وتُستخدم لتغذية شبكات الفساد الداخلية التابعة للجماعة.
وأضافت المصادر أن هذه الضرائب المفرطة، التي تفوق تكلفة الإنتاج بكثير، جعلت الشركة غير قادرة على تغطية نفقات التشغيل الأساسية، بما فيها رواتب الموظفين وشراء المواد الخام، مما أجبر الإدارة على تجميد الإنتاج وتخزين المنتجات، قبل أن يُعلن الإغلاق الكامل فجأة، دون أي إشعار سابق أو إجراءات قانونية.
وتشير التقديرات إلى أن هذا الإغلاق سيُفقد أكثر من 1,200 موظف وظائفهم فورًا، بينهم عمّال خطوط إنتاج، ومشرفون، وسائقون، وموظفون إداريون ومحاسبون، بالإضافة إلى عشرات العاملين في شبكات التوزيع والتسويق، الذين يعتمدون على الشركة كمصدر رزق أساسي لأسرهم. كما سيتأثر آلاف البائعين الصغار في الأسواق المحلية، الذين كانوا يعتمدون على توريدات كمران كمنتج محلي موثوق وبسعر معقول.
ولم تكتفِ الجماعة بإغلاق المصنع، بل بدأت في تفتيش نقاط البيع وحجز كميات كبيرة من السجائر المحلية، تحت ذريعة "مكافحة التهريب"، بينما تُسمح للمنتجات المهربة بالدخول بحرية تامة عبر نقاط التفتيش العسكرية التابعة لها، ما يكشف عن نية مبيتة لخلق احتكار تجاري يخدم مصالحها المالية وشبكاتها الإرهابية-الاقتصادية.
وقالت المصادر إن "إغلاق كمران ليس مجرد إغلاق لمصنع، بل هو نموذج مصغر لسياسة تدمير الاقتصاد الوطني المنظمة، حيث تُستهدف كل مؤسسة ذات إنتاج محلي أو موارد مستقلة، لتحل محلها تجارة التهريب والفساد، وكل يوم تسقط مؤسسة، وكل أسبوع يُقتل اقتصاد، وكل شهر يُفتح باب البطالة أمام آلاف العائلات".
وأكدت المصادر أن هذا القرار يمثل "انتصارًا استراتيجيًا لتجار التهريب" الذين يحققون أرباحًا طائلة من تجارة السجائر المهربة، والتي تُنقل غالبًا عبر موانئ الجنوب والحدود السعودية، وتُروج بدعم مباشر من أجهزة أمنية تابعة للجماعة، فيما تُحرم الشركات الوطنية من أي فرصة للبقاء.
وأضافت المصادر أن "المؤسسة الوطنية الوحيدة المتبقية لإنتاج السجائر في شمال اليمن، والتي كانت تشكل رمزًا للاستقلال الاقتصادي، تم تصفيتها بفعل سياسات الإقصاء والنهب، وهو ما يعكس نوايا الحوثيين في تحويل اليمن إلى سوق مفتوحة للسلع المهربة، تُدر عليهم مليارات الدولارات، بينما يُجوع الشعب ويُترك بلا مورد".
وطالبت المصادر المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والهيئات الاقتصادية العربية والإسلامية بالتدخل العاجل لإنقاذ ما تبقى من القطاع الصناعي اليمني، وتحميل جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عن تدمير البنية التحتية الاقتصادية، وجرائم البطالة الممنهج، وتحويل اليمن إلى دولة تجارية هامشية تعتمد على التهريب كمصدر وحيد للدخل.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه الآلاف من العمال مصيرهم، تبقى صورة مصنع كمران المغلق — الذي كان يُنتج آلاف العلب يوميًا — رمزًا مريرًا لمشروع تدمير اقتصادي متكامل، لا يهدف فقط إلى السيطرة على الموارد، بل إلى إضعاف الهوية الاقتصادية الوطنية، وفرض واقع جديد يعتمد على الابتزاز، وليس على الإنتاج.