• الرئيسية
• المشهد الرياضي

تترقب جماهير كرة القدم السعودية والعربية بلهفة مواجهة "القمة المبكرة" بين فريقي الاتحاد والفتح، التي تُقام مساء اليوم الجمعة على ملعب "الجوهرة المشعة" (ملعب الإنماء) في جدة، ضمن منافسات الجولة الثانية من دوري روشن السعودي للمحترفين. لا تقتصر أهمية اللقاء على بساطة الثلاث نقاط، بل تمتد لتشكل اختبارًا استراتيجيًا لمستقبل كل فريق في سباق الصدارة والنجاة، حيث يلتقي الحلم بالواقع، والانطلاقة بالإنقاذ.

216.73.216.105

البث المباشر

الاتحاد: رحلة الاستمرارية بعد انطلاقة نارية

دخل الاتحاد مسابقة هذا الموسم كواحد من أكبر المفاجآت الإيجابية، بعد أن هزّ أركان المنافسة في الجولة الأولى بانتصارٍ مذهلٍ على الأخدود بنتيجة 5-2، في مباراة شهدت إثارةً هجومية لم يشهدها الدوري منذ فترة طويلة. لم يكن الانتصار مجرد نتيجة، بل كان إعلانًا صريحًا عن عودة "العميد" إلى صدارة المشهد الكروي السعودي بقوة، بعد سنوات من التذبذب.

تقود الفريق بثقة المدرب الفرنسي لوران بلان، الذي يفرض نموذجه التكتيكي الحديث القائم على الضغط العالي، والانتقال السريع، وبناء الهجمات من الخلف. وتمتلك إدارة الاتحاد الآن تشكيلة تجمع بين الخبرة والشباب، والعالمية والمحلية، بأسماء تُعدّ من أبرز النجوم في آسيا:

• موسى ديابي (فرنسا): العملاق الهجومي الذي يمتلك سرعة وقوة نادرة.
• بيرجوين (هولندا): المبدع الذي يتحكم بزمام اللعبة من الوسط.
• كاندي (الإيفواري): القوة الدفاعية التي تُعيد للاتحاد طابعه التنظيمي.
• حسام عوار (الجزائر): اللاعب الذي يربط بين الخطوط بذكاء.
• صالح الشهري: المهاجم الدولي الذي يحمل على عاتقه مسؤولية التسجيل في غياب القائد الأسطوري كريم بنزيمة، الذي يغيب عن المواجهة بسبب إصابة في عضلة الفخذ، لكنه يُتابع المباراة من المدرجات كرمزٍ حيٍّ للروح الرياضية.

يحظى الاتحاد برصيد 3 نقاط، ويحتل المركز الثاني في الترتيب، متساويًا مع الهلال والنصر، لكنه يفتقد إلى فارق الأهداف، ما يجعل هذه المباراة فرصته الذهبية لتجاوز منافسيه والاقتراب من صدارة الترتيب — وهي المكانة التي لم يغادرها منذ أكثر من عقد.

الفتح: ضغط الانقاذ وحلم العودة من القاع

أما الفتح، فهو يدخل المواجهة تحت ظلّ كارثة أولية. خسارة مفاجئة أمام الفيحاء بنتيجة 2-1 في الجولة الأولى، لم تكن فقط خسارة نقاط، بل كانت صدمة نفسية لفريق يملك تاريخًا عريقًا وجمهورًا مخلصًا ينتظر منه المزيد. يقف الفريق الآن في المركز الثاني عشر، بلا أي نقاط، وهو وضع لا يُقبل في فريق يسعى للمنافسة، وليس للهروب من الهبوط.

المدرب البرتغالي جوزيه جوميز، الذي استلم الفريق قبل موسم واحد، يواجه تحديًا كبيرًا: إعادة بناء الثقة، وتحويل خططه النظرية إلى واقع ميداني. ورغم تغييرات كثيرة في التشكيلة، فإن الفتح يعتمد على مجموعة من المواهب التي يمكنها تغيير مسار المباراة في لحظة واحدة:

• مراد باتنا (المغرب): النجم السريع الذي يشكل خطورة على الدفاعات المركزة.
• ماتياس فارغاس (الأرجنتين): المهاجم ذو البصمة الفنية الذي قد يكون مفتاح التغيير.
• سفيان بن دبكة: المحور الفني الذي يبحث عن إعادته إلى مستواه الأسطوري.

التشكيل المتوقع للفتح يعكس رغبة المدرب في التوازن بين الدفاع والهجوم:

• حراسة المرمى: نواف العقيدي.
• الدفاع: مروان سعدان – أحمد الجليدان – جورجي فيرنانديز – حسين الزراعي.
• الوسط: سفيان بن دبكة – زايدو يوسف – ماتياس فارغاس.
• الهجوم: مراد باتنا – أمين سباعي – عثمان العثمان.

الهدف واضح: أخذ نقطة واحدة على الأقل. فالفوز غير مضمون، لكن التعادل سيكون بمثابة إنقاذ للنفس، وبداية جديدة لمشروع إعادة البناء. وستكون جماهير الفتح في المدرجات، كما في كل مرة، صوتًا لا يُسكت — صوت التحدي، والحنين، والامل.

الجوهرة المشعة: ساحة المعركة

لا توجد مواجهة في الدوري السعودي تجمع بين هذا الكم من التاريخ والرهانات مثل مواجهة الاتحاد والفتح. فكلا الفريقين من أقدم الأندية السعودية، ولديهما تاريخ طويل من الصراعات الملتهبة، وأكثر من 40 لقاءً في الدوري، انتهت غالبيتها بنتائج متقاربة وحماس لا يُضاهى.
الملعب، "الجوهرة المشعة"، سيشهد حضورًا جماهيريًا غير مسبوق، مع امتلاء المدرجات بعلم الاتحاد الأحمر والأبيض، ورايات الفتح الخضراء، بينما ستُسمع أهازيج الجماهير كأنها معركة وطنية — ليس فقط لثلاث نقاط، بل لكرامة ومكانة.

البث المباشر والتعليق: صوت الملحمة

ستنقل المباراة عبر قنوات ثمانية الرياضية (Thmanyah 1 HD) بجودة 4K، وبث مباشر عالمي يغطي أكثر من 80 دولة، مما يعكس الاهتمام المتزايد بدوري روشن على المستوى الدولي.
وقد أوكلت مهمة التعليق إلى فهد العتيبي، أحد أبرز المعلقين السعوديين، المعروف بأسلوبه الدرامي، وتفهمه العميق للتاريخ الكروي، والذي اعتاد أن يُضفي على المباريات الكبرى طابعًا لا يُنسى — فلن يكون هذا اللقاء استثناءً.

ماذا يعني هذا اللقاء؟

هذه ليست مجرد مباراة جولة ثانية.
هي اختبار للاستقرار بالنسبة للاتحاد، الذي يحاول أن يثبت أنه ليس مجرد "انطلاقة سريعة"، بل فريق قادر على المنافسة على البطولة.
وهي اختبار للبقاء بالنسبة للفتح، الذي يخشى أن تتحول خسارته الأولى إلى كارثة نفسية تدفعه نحو الهبوط قبل أن يبدأ.

إذا فاز الاتحاد، فسيصبح المفضل الأول للفوز باللقب، وسيُعيد تأكيد تفوّق فريقه على مستوى الآفاق.
أما إذا تعادل أو فاز الفتح، فسيُحدث زلزالًا في ترتيب الدوري، وسينقل الرسالة بأن "العميد" لا يزال قابلًا للهزيمة، وأن الفتح لا يزال يملك قلبًا ينبض بالتحدي.