”درع من عدن إلى شنغهاي”.. لفتة صغيرة أثارت إعجاب الصينيين — ماذا قالوا عن مستقبل التعاون؟

في إطار برنامج الزيارة الرسمية لوفد حكومي يمني رفيع المستوى إلى جمهورية الصين الشعبية، قام الوفد برئاسة وزير الدولة، محافظ العاصمة عدن، الأستاذ أحمد حامد لملس، اليوم الأربعاء، بزيارة ميدانية إلى ميناء يانغشان في مدينة شنغهاي، أحد أبرز المعالم اللوجستية والتكنولوجية في العالم، وذلك ضمن سلسلة فعاليات إحياء الذكرى الثلاثين لتوأمة مدينتي عدن وشنغهاي.
216.73.216.105
وتأتي هذه الزيارة في سياق حرص الحكومة اليمنية على تعزيز التعاون الدولي، والاستفادة من التجارب العالمية الرائدة في مجالات الإدارة الحديثة والخدمات اللوجستية، خاصة في ظل الجهود المبذولة لإعادة تأهيل وتطوير ميناء عدن والمنطقة الحرة، باعتبارهما بوابة اليمن الاقتصادية والتجارية.
جولة تقنية معمقة في "ميناء المستقبل"
خلال الجولة، استمع الوفد الزائر إلى عرض تفصيلي مقدم من إدارة ميناء يانغشان، الذي يُعدّ أول ميناء رقمي بالكامل في العالم، وأكبر ميناء للحاويات من حيث الحجم والقدرة التشغيلية. وتعرف الوفد على أحدث التقنيات المستخدمة في تشغيل الميناء، بما في ذلك:
- الآليات ذاتية الحركة التي تعمل دون تدخل بشري.
- أنظمة التناول الآلي للحاويات، والتي تضمن سرعة وكفاءة عالية في عمليات التحميل والتفريغ.
- أنظمة الفحص الذكية والرقابة الرقمية التي تضمن دقة العمليات وسلامتها.
- البنية التحتية الرقمية المتكاملة التي تربط بين مختلف مكونات الميناء وأنظمة التتبع اللحظي للبضائع.
كما اطلع الوفد على الأرقام والإحصاءات الدالة على قدرة الميناء الهائلة، حيث يُدار الميناء بأكمله تقريبًا بواسطة أنظمة ذكاء اصطناعي وروبوتات متطورة، ما يجعله نموذجًا عالميًا يُحتذى به في صناعة الموانئ الحديثة.
درع تذكاري يعكس عمق العلاقات الثنائية
وفي لفتة رمزية تعكس متانة العلاقات التاريخية بين البلدين، وتقديرًا للشراكة الاستراتيجية بين المدينتين، سلّم وزير الدولة، محافظ العاصمة عدن، الأستاذ أحمد حامد لملس، درعًا تذكاريًا باسم المنطقة الحرة وميناء عدن إلى إدارة ميناء شنغهاي. وجاء في كلمته بهذه المناسبة:
"إن تسليم هذا الدرع ليس مجرد لفتة بروتوكولية، بل هو تعبير عن عمق العلاقات التي تربط شعبينا، وعن حرص حكومتنا على ترجمة هذه العلاقة التاريخية إلى شراكات عملية في مجالات التطوير اللوجستي، وتبادل الخبرات، وبناء القدرات. نحن نرى في تجربة شنغهاي نموذجًا ناجحًا نسعى للاستفادة منه في إعادة بناء ميناء عدن ليكون مركزًا إقليميًا رائدًا."
ترحيب صيني وتأكيد على استمرار التعاون
من جانبها، أعربت إدارة ميناء يانغشان عن تقديرها البالغ لهذه المبادرة، مشيدةً بالعلاقات الوثيقة التي تربط بين عدن وشنغهاي منذ توقيع اتفاق التوأمة قبل ثلاثين عامًا. وأكدت الإدارة على استعدادها الكامل لتقديم الدعم الفني والاستشاري، وتبادل الخبرات مع الجانب اليمني، بما يسهم في تعزيز مكانة ميناء عدن كمركز تجاري ولوجستي حيوي في المنطقة، خاصة في ظل موقعه الاستراتيجي على الممرات البحرية الدولية.
الذكرى الثلاثين للتوأمة: جسر نحو شراكات مستقبلية
وتأتي هذه الزيارة امتدادًا لفعاليات إحياء الذكرى الثلاثين لتوأمة مدينتي عدن وشنغهاي، التي انطلقت رسميًا يوم أمس، حيث ألقى الوفد الحكومي كلمة أكدت على أهمية هذه التوأمة كـ"جسر حيوي للتعاون الاقتصادي والتجاري والإنساني"، وفرصة لتأسيس شراكات تنموية واستثمارية جديدة تخدم مصالح الشعبين.
ويتضمن برنامج الزيارة، الذي يمتد لعدة أيام، سلسلة من اللقاءات الثنائية والأنشطة المشتركة مع مسؤولين صينيين وخبراء في مجالات النقل البحري، والتجارة، والاستثمار، والتنمية الحضرية، بهدف استكشاف فرص أوسع للتعاون، وتبادل أفضل الممارسات، ووضع أسس لمشاريع مشتركة في المستقبل القريب.
زيارة وفد عدن إلى ميناء يانغشان ليست مجرد جولة تقنية، بل هي خطوة استراتيجية ضمن رؤية أوسع لإعادة تأهيل البنية التحتية الاقتصادية للعاصمة المؤقتة، وتحويل ميناء عدن إلى مركز إقليمي متكامل يعتمد على التكنولوجيا الحديثة، ويعزز من تنافسيته العالمية. وفي ظل الدعم الصيني المُعلن، تبدو آفاق التعاون بين المدينتين واعدة، وتحمل في طياتها إمكانات كبيرة لدفع عجلة التنمية والانتعاش الاقتصادي في اليمن.