المشهد اليمني

نزع سلاح حزب الله .. بين ضغوط واشنطن وتعقيدات الواقع اللبناني

الجمعة 16 مايو 2025 10:03 مـ 19 ذو القعدة 1446 هـ
المبعوثة الأمريكية
المبعوثة الأمريكية

تحركات أمريكية وتصريحات لافتة .. خلال زيارتها الأخيرة إلى بيروت، كشفت نائبة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، عن رغبة إدارة ترامب في تسريع نزع سلاح حزب الله، مشيرةً إلى ضرورة تحرّك أكثر حزماً من الدولة اللبنانية تجاه الحزب. ولم تكتفِ أورتاغوس بالتصريحات الرسمية، بل توجهت عبر منصة "إكس" (تويتر سابقاً) لمهاجمة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، بعد أن وصف شروطها بـ"المستحيلة"، في إشارة إلى طلب واشنطن من الجيش اللبناني مصادرة سلاح الحزب.

رهانات القوة ومخاطر الانفجار الداخلي

يبدو أن بعض الدوائر في الولايات المتحدة وإسرائيل تُخطئ في تقدير حساسية الساحة اللبنانية، إذ إن أي تحرّك عسكري ضد حزب الله قد يؤدي إلى انفجار داخلي شامل، بالنظر إلى الهشاشة الطائفية والتاريخ الدموي القريب. فالحزب يملك من القوة ما يكفي للردع، وأي صدام سيؤدي إلى دمار في المناطق المدنية، وربما يكرس الانقسام الشعبي لصالحه، خاصةً بين أبناء الطائفة الشيعية الذين يتحملون تبعات صراعه مع إسرائيل.

كما أن الجيش اللبناني قد لا يكون في موقع يسمح له بتنفيذ عمليات كهذه دون التعرض لانقسامات داخلية، كما حدث في حقبتي 1976 و1989-1990. ومن هنا، يحرص القادة العسكريون مثل جوزيف عون، الذي شهد حروب الجيش مع الميليشيات، على تجنّب الانزلاق في مواجهات مماثلة.

المعادلة الإقليمية: القرار في طهران

الحقيقة الأبرز التي تعقّد المشهد تكمن في أن قرار نزع سلاح حزب الله لا يصدر من بيروت، بل من طهران. فبعد مقتل معظم قادة الحزب العسكريين في الصراع الأخير مع إسرائيل، أصبح النفوذ الإيراني داخل الحزب مباشراً وواضحاً. وهذا يعني أن أي موقف صارم من الجانب اللبناني قد يُواجه بجمود إيراني، ما يزيد من احتمال التصعيد بدلاً من التهدئة.

استراتيجية عون وسلام: التدرّج بدل المواجهة

يدرك كلٌّ من الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام أن الحل لا يأتي من الضغط أو العنف، بل من التدرّج والحكمة. وقد اتبع الاثنان نهجاً قائماً على تحجيم هامش مناورة الحزب بشكل تدريجي، عبر تعزيز سلطة الدولة في المؤسسات الحساسة، وتطبيق قرارات دولية مثل القرار 1701، الذي يمنع وجود الأسلحة جنوب الليطاني.

في المقابل، يحرص عون وسلام على أن تبدو هذه الإجراءات موجهة ضد جميع الجماعات المسلحة، وليس فقط حزب الله، ما يفسر اهتمامهما بقضية نزع سلاح مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في البلاد. هذا التوازن في الطرح يهدف إلى تجنّب إشعال حساسيات طائفية.

حزب الله بين ضغط الداخل وعزلة الخارج

رغم صموده، يدرك حزب الله أنه يدفع ثمناً باهظاً لموقفه المتصلّب. فإسرائيل تواصل استهداف مستودعات أسلحته دون رادع، والدعم الشعبي المحلي له يتراجع تدريجياً، خاصة مع تزايد معاناة اللبنانيين الاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا السياق، قد يصبح الحزب مضطراً لمراجعة استراتيجيته إذا شعر أن التمسك بالسلاح بات عبئاً على صورته ومستقبله.

الرهان على التسويات الكبرى

في نهاية المطاف، يرى عون وسلام أن الظروف قد تهيئ الأرضية لتسوية شاملة، قد تشمل مقايضة ترسانة حزب الله بمنح الطائفة الشيعية صلاحيات دستورية أوسع ضمن الدولة. هذا السيناريو، إذا تحقق، سيكون بمثابة خطوة كبرى نحو استقرار لبنان ودمج كل مكوناته في مؤسسات الدولة.

وفي انتظار ذلك، يواصل القادة اللبنانيون نهجهم الحذر والبنّاء، مدركين أن الصبر والتدرّج هما السبيل الأوحد لتجنيب البلاد مغامرات غير محسوبة قد تودي بها إلى الهاوية.

حزب الله، مورغان أورتاغوس، جوزيف عون، نواف سلام، سلاح حزب الله، لبنان، الجيش اللبناني، إيران، نزع السلاح، القرار 1701، الولايات المتحدة، إسرائيل، الصراع في لبنان، الطائفية، سياسة لبنان، المقاومة اللبنانية، حسن نصر الله، هاشم صفي الدين، نزع سلاح المخيمات، أمن لبنان، السياسة الإقليمية.