• الرئيسية
• المشهد الثقافي

في عام 2019، عادت قصة الجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين إلى واجهة الإعلام بعد أن قدمت شبكة نتفليكس (Netflix) مسلسلًا دراميًا يحمل عنوان "The Spy" (الجاسوس)، بطولة النجم البريطاني ساشا بارون كوهين والممثلة هادار راتزون روتيم في دور زوجته "ناديا". المسلسل من تأليف وإخراج جدعون راف، وحقق نجاحًا واسعًا، خاصة لتناوله حياة أحد أخطر الجواسيس في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.

من هو إيلي كوهين؟

ولد إيلي كوهين في الإسكندرية، مصر، في 26 ديسمبر 1924 لعائلة يهودية. وفي عام 1955، قرر اللحاق بأسرته التي هاجرت إلى إسرائيل، وهناك التحق بجهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد بعد أن رأى فيه المسؤولون مرشحًا مثاليًا للقيام بمهمة تجسسية داخل سوريا.

المهمة السرية: كيف دخل كوهين إلى سوريا؟

بعد إعداد مكثف من قبل الموساد، تم تزويد كوهين بهوية مزورة تحت اسم "كامل أمين ثابت"، وهو رجل أعمال سوري عاش في الأرجنتين لفترة. مكث كوهين في بوينس آيرس لعامٍ كامل، حيث نسج علاقات قوية مع دبلوماسيين سوريين وعرب، وكان يعبر دومًا عن حنينه إلى "وطنه" سوريا.

وفي يناير 1962، انتقل إلى دمشق، حاملاً توصيات من شخصيات معروفة، مما سهل اندماجه داخل الطبقة السياسية والعسكرية. نجح سريعًا في بناء علاقات وثيقة مع ضباط كبار في الجيش السوري، بل كان يزورهم في مواقعهم ويتلقى معلومات حساسة نقلها مباشرة إلى الموساد عبر أجهزة بث متطورة.

كيف تم كشف هوية إيلي كوهين؟

تعددت الروايات حول اكتشاف أمر إيلي كوهين:

• الرواية الرسمية السورية تقول إن إشارات بث إذاعي مشفرة رُصدت من شقته، ما أدى إلى اعتقاله بعد تتبع مصدر الإشارة.

• الرواية المصرية، نقلها رفعت الجمال (رأفت الهجان)، وتفيد بأنه تعرف على كوهين خلال سهرة في تل أبيب، ثم رآه في صورة بإحدى المجلات أثناء وجوده في روما، وتعرف عليه باعتباره نفس الشخص الذي ظهر باسم "كامل أمين ثابت" في سوريا، فأبلغ السلطات المصرية والمخابرات السورية.

وبعد تأكيد الهوية، توجه مدير المخابرات العامة المصرية آنذاك صلاح نصر إلى دمشق شخصيًا وأبلغ الرئيس أمين الحافظ، ليتم اعتقال كوهين رسميًا.

محاكمة وإعدام إيلي كوهين

بعد محاكمة عسكرية سريعة، حُكم على كوهين بالإعدام. نُفذ الحكم في 18 مايو 1965 في ساحة المرجة وسط دمشق، أمام حشد كبير من المواطنين، في واحدة من أكثر عمليات الإعدام العلنية شهرة في العالم العربي.

تأثير مسلسل "الجاسوس" على الوعي العالمي بالقضية

أعاد مسلسل "The Spy" تسليط الضوء على قصة إيلي كوهين، ليس فقط من منظور درامي بل أيضًا كأداة توثيقية لما حدث في كواليس السياسة العربية الإسرائيلية. جذب المسلسل مشاهدين من مختلف أنحاء العالم، ما جعله مادة خصبة للنقاش حول التجسس، الأمن القومي، والسيادة.

ماذا قال رأفت الهجان عن كوهين؟

بحسب رواية رأفت الهجان، حضر جنازة كوهين في إسرائيل بعد أن أصبح شخصية معروفة داخل الموساد. وذكر أن كوهين قدم له في إحدى السهرات على يد مسؤولين إسرائيليين، قبل أن يكتشف لاحقًا أنه الشخص ذاته الذي يعمل جاسوسًا داخل سوريا.

قصة إيلي كوهين لا تزال من أكثر قصص التجسس إثارة للجدل، وقد ساهمت في تغيير موازين السياسة الإقليمية خلال فترة حساسة من التاريخ العربي الحديث. كما أن مسلسل "الجاسوس" على نتفليكس أحيا ذكراها، مما جعل الجمهور يتساءل عن الحد الفاصل بين البطولة والخيانة في عالم الاستخبارات.