المجلس الانتقالي يشكو من نفسه ويتعهد بقرارات جريئة ورسالة عاجلة لمجلس الأمن!

في مشهد بات مألوفًا في عدن، عقد المجلس الانتقالي الجنوبي، اليوم الإثنين، اجتماعًا طارئًا برئاسة القائم بأعماله علي عبدالله الكثيري، وبحضور عدد من قياداته ومسؤوليه في الحكومة، لمناقشة ما وصفه بـ"التدهور الخطير" في الخدمات والأوضاع المعيشية... وهو التدهور ذاته الذي يحدث تحت إدارته المباشرة، ووسط هيمنته على القرار الأمني والإداري والاقتصادي في العاصمة المؤقتة عدن.
الاجتماع الذي ضم رئيس تنفيذية انتقالي عدن مؤمن السقاف، ومحافظ عدن أحمد لملس، وأعضاء المجلس في الحكومة الشرعية برئاسة عبدالناصر الوالي، خرج بتحذيرات غاضبة من استمرار التدهور، وكأن من يدير عدن ويحكمها جهة أخرى، لا المجلس نفسه.
الموقع الرسمي للمجلس نقل عن الاجتماع قلقًا بالغًا حيال "انهيار الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الكهرباء، وانهيار العملة، وتأخر المرتبات، وتردي الوضع البيئي والصحي"، مؤكداً أن المجلس المفوض شعبياً "لن يقف موقف المتفرج"، في تعهدٍ بدا وكأنه محاولة جريئة للهروب إلى الأمام، رغم أن المجلس نفسه هو المتصدر للمشهد والممسك بخيوط السلطة.
الاجتماع انتقد "عجز الحكومة التي يشارك فيها الانتقالي بنصف عدد الوزراء"، متجاهلًا حقيقة أن المجلس يهيمن على القرار السياسي والعسكري في عدن، ويتولى فعلياً إدارة المؤسسات والمرافق العامة، وهو ما يجعل التساؤل مشروعاً: ممن يطالب الانتقالي بالتحرك؟ ومن المسؤول عن الفشل إذا لم يكن من يحكم ويتصرف بكل شيء؟.
وبين "تعهدات جريئة" و"قرارات شجاعة"، أعلن المجلس عن جملة من الإجراءات العاجلة، على رأسها تشكيل لجنة طوارئ في حالة انعقاد دائم، تضم ممثلين عن المجلس والحكومة والسلطة المحلية، لمتابعة الأوضاع... التي تدهورت أساسًا تحت إشرافهم المباشر.
كما قرر المجلس مخاطبة مجلس الأمن، والمبعوث الأممي، والدول الراعية للعملية السياسية، خصوصًا السعودية والإمارات، وطلب تدخلًا عاجلًا لاحتواء الانهيار. خطوة قد تبدو مستغربة من جهة ترفض المساءلة المحلية، وتطالب العالم بإنقاذ الناس من نتائج إدارتها.
وفي لمسة أخيرة من المسؤولية الرمزية، أوصى المجلس الانتقالي، رئيسه عيدروس الزبيدي، عضو مجلس القيادة الرئاسي، بإلغاء أي فعاليات سياسية أو احتفالية غير ضرورية، وتوجيه عائداتها لدعم القطاعات الخدمية، في محاولة لإظهار التفاعل مع معاناة المواطنين الذين تقمعهم قوات المجلس الانتقالي عندما يخرجون للمطالبة بحقوقهم في عدن.
وبينما تتصاعد المعاناة اليومية في عدن، يبقى "الاجتماع الطارئ" شاهدًا على مشهد عبثي: جهة تحكم وتشتكي، تُقرّر وتنتقد، تهيمن وتتنصل... فيما تستمر الأزمات بلا حلول، والوعود بلا تنفيذ.