أزمة خانقة في عدن: ندرة الثلج تزيد معاناة المواطنين في موجة الحر القاسية

تشهد مدينة عدن هذه الأيام أزمة حادة في توفير الثلج البارد، تحوّلت معها مهمة الحصول على قطعة ثلج إلى معاناة يومية تبدأ من ساعات الفجر الأولى، وسط موجة حر شديدة وانقطاع متكرر للتيار الكهربائي، مما زاد من تفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة أصلاً.
طوابير الفجر.. والثلج "ذهب أبيض"
تحت أشعة الشمس الحارقة، يتجمّع العشرات من أهالي عدن أمام محال بيع الثلج منذ ساعات الصباح الباكر، في مشهد أصبح مألوفًا خلال الأيام الماضية. فبعد أن تحوّل الثلج إلى سلعة نادرة، بات المواطنون ينتظرون لساعات في طوابير طويلة، بينما ترتفع الأسعار بشكل جنوني، ليصل سعر القطعة اليوم إلى ما لا يقل عن 1000 ريال يوميًا لكل أسرة، وفقًا لشكاوى مواطنين.
"نقف من الرابعة فجرًا لنحصل على ثلج، وإذا تأخرت دقائق، تنتهي الكميات"، يقول أبو محمد، أحد سكان أحياء عدن الشعبية، مضيفًا: "الوضع أصبح لا يُحتمل.. الثلج صار رفاهية".
الحر والكهرباء.. أزمتان تفتكان بالمواطنين
تزامنت أزمة ندرة الثلج مع موجة حر شديدة ضربت المدينة الساحلية، حيث تجاوزت درجات الحرارة 40 درجة مئوية، في ظل انقطاع شبه يومي للتيار الكهربائي، مما أفقد الأهالي وسيلتهم الوحيدة لتبريد المياه أو حفظ الأطعمة.
وأكد مواطنون أن بعض المحال ترفض بيع الثلج بالقطعة، وتفضّل بيعه بالكميات الكبيرة لتجار الموزعيين، مما يزيد الأعباء على الأسر محدودة الدخل. "نضطر لشراء ثلج غير كافٍ، والماء أصبح ساخنًا بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء"، تشكو أم ياسر، وهي أم لخمسة أطفال.
غياب الحلول وصرخات استغاثة
رغم تفاقم الأزمة، يشتكي الأهالي من غياب أي حلول عاجلة من الجهات المعنية، سواء لضخ كميات أكبر من الثلج أو لتوفير بدائل مثل صيانة شبكة الكهرباء.
ويطالب نشطاء محليون ومنظمات مجتمع مدني بالتدخل العاجل، خاصة أن الأزمة تهدد صحة المواطنين، لا سيما مع ارتفاع حالات الجفاف والأمراض الناتجة عن شرب مياه غير مبردة.
من جانبه، أشار تاجر ثلج فضّل عدم ذكر اسمه إلى أن "الأزمة سببها زيادة الطلب مع نقص الكميات الواردة، فضلاً عن ارتفاع تكلفة التشغيل بسبب انقطاع الكهرباء"، مؤكدًا أن الأسعار ستظل مرتفعة ما لم تتحسن الإمدادات.
مستقبل غامض وأعباء متزايدة
في ظل عدم وجود مؤشرات على تحسن الوضع، يبدو أن أهالي عدن أمام أشهر صيفية قاسية، حيث تتحول الحياة إلى صراع يومي من أجل تأمين أبسط مقومات العيش، مثل مياه الشرب الباردة.
وتزداد المخاوف من تفاقم الأوضاع الاقتصادية، خاصة مع استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتراجع القدرة الشرائية للأسر.
يبقى السؤال المطروح: هل ستتحرك الجهات المسؤولة قبل أن تتحول أزمة الثلج إلى كارثة إنسانية في مدينة تعاني أصلاً من تدهور الخدمات وانهيار البنية التحتية؟