البيض يطرح رؤية وطنية شاملة لإخراج اليمن من أتون الحرب والانقسام

في خطوة لافتة تحمل طابعًا استثنائيًا في توقيتها ومضامينها، قدّم الدبلوماسي السابق والناقد السياسي البارز هاني علي سالم البيض ، نجل الرئيس الجنوبي الأسبق علي سالم البيض، رؤية وطنية شاملة قال إنها يمكن أن تكون النواة لمبادرة وطنية جامعة تُخرج البلاد من دوامة الحرب والانهيار والانقسام التي تعاني منها منذ أكثر من عقد من الزمن.
ونشر البيض، عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، تصورًا متكاملاً يتضمن سبعة مسارات متداخلة تعالج جذور الأزمة اليمنية بجميع أبعادها السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، فضلًا عن معالجة قضايا الحرب الإقليمية ومستقبل الوحدة والانفصال. وقد أُطلِق على المبادرة، التي اعتبرها كثيرون "الأجرأ من نوعها منذ اتفاق الرياض"، صبغة جديدة تجمع بين الواقعية السياسية وطموحات الشعب اليمني في السلام والتنمية والاستقرار.
هدف المبادرة: بناء دولة مدنية موحدة أو اتحادية مستقرة وآمنة
وجاء في بيان البيض أن رؤيته تستهدف تحقيق دولة مدنية موحدة أو اتحادية ، مستقرة وآمنة، تقوم على احترام التنوع والتعددية، وتدار بمشاركة وطنية حقيقية، بعيدًا عن التبعية للمحاور الإقليمية والدولية. ودعا البيض النخب السياسية والفكرية والشبابية والنسائية في جميع أنحاء اليمن إلى العمل المشترك على تطوير هذه الرؤية وصياغتها في إطار وثيقة تنفيذية واضحة المعالم، وبإشراف أممي وإقليمي.
أهم محاور المبادرة الوطنية السبعة
-
المسار السياسي: نحو حوار وطني حقيقي
- إطلاق حوار وطني شامل لا يستثمر أي طرف، برعاية أممية.
- تشكيل مرحلة انتقالية تقودها مجلس رئاسي مدني توافقي يضم تمثيلاً عادلًا للشمال والجنوب ولكل القوى والمكونات السياسية.
- إعداد دستور عصري يكفل الحريات العامة، ويؤمن تداول السلطة بشفافية، ويضمن توزيعًا عادلاً للثروة والسلطة.
-
المسار الأمني والعسكري: بناء جيش وطني ووقف العنف
- وقف شامل لإطلاق النار تحت إشراف دولي.
- دمج القوات المسلحة وتفكيك المليشيات المسلحة تدريجيًا مقابل ضمانات سياسية.
- وضع خطة وطنية شاملة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بكافة أشكالها.
-
المسار الاقتصادي والتنموي: إعادة الإعمار وبناء الاقتصاد
- تأسيس مجلس اقتصادي وطني مستقل .
- إعداد خطة وطنية لإعادة الإعمار على غرار "خطة مارشال".
- توحيد المؤسسات السيادية مثل البنك المركزي والجمارك، وتحقيق الشفافية الكاملة في إدارة الموارد.
- إنشاء صندوق دولي لإعمار اليمن بإشراف دولي ومشاركة مجتمعية واسعة.
-
المسار الاجتماعي وعدالة انتقالية: المصالحة وبناء الثقة
- تشكيل لجنة وطنية للمصالحة وتقديم برامج لتعويض المتضررين وجبر الضرر.
- تنفيذ إصلاح شامل في التعليم والصحة .
- محاربة الفقر والبطالة ودعم الفئات الأكثر احتياجًا.
-
تحييد اليمن عن الصراعات الإقليمية
- اعتماد سياسة خارجية محايدة ، وخروج أي قوات أجنبية غير شرعية من الأراضي اليمنية.
- بناء علاقات متوازنة مع دول الجوار والمجتمع الدولي، دون الانحياز لطرف ضد آخر.
-
قضية الجنوب والوحدة: حق تقرير المصير
- حوار شفاف ومسؤول حول مستقبل الوحدة، بإشراف أممي.
- في حال عدم التوصل إلى تفاهم، يتم منح الشعب اليمني الحق في تقرير المصير عبر استفتاء حر ونزيه.
-
آليات التنفيذ: ضمانات دولية ومحلية
- إشراف دولي من الأمم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية.
- ضمان مشاركة حقيقية للشباب والنساء والمجتمع المدني في كل مراحل العملية.
- توقيع ميثاق وطني ملزم من قبل جميع الأطراف والمكونات السياسية.
رؤية لكل اليمن.. ومن الناصحين للجميع
وقدّم البيض مبادرته بلغة جامعة تجاوزت الحدود الجغرافية والسياسية التقليدية، مشددًا على أنها موجهة لكل اليمنيين شمالاً وجنوبًا ، مؤكداً أنه "من الناصحين" للجميع دون استثناء. ورأى الكثيرون أن هذه المبادرة تحمل زخمًا جديدًا للحراك الوطني، وتقدم رؤية واضحة وعملية يمكن أن تكون نقطة انطلاق حقيقية لبدء مرحلة سياسية جديدة في اليمن.
وفي ظل تصاعد التوترات واستمرار الصراعات، يبدو أن المبادرة تضع على الطاولة خريطة طريق وسطية تسعى لتحقيق التوازن بين مطالب الشعوب ومتطلبات السلام، وبين الحفاظ على وحدة اليمن أو تحويله إلى دولة اتحادية قوية ومزدهرة، إذا ما توفرت الإرادة السياسية والدعم الإقليمي والدولي اللازم.