المشهد اليمني

تعز تنتفض: نساء الغضب يُطلقن صرخة ”الحياة الكريمة حق لا منّة!” في وجه الإهمال والفساد

الخميس 19 يونيو 2025 10:04 مـ 23 ذو الحجة 1446 هـ
وقفة بتعز
وقفة بتعز

في مشهد وطني مهيب، شهدت مدينة تعز مساء اليوم الخميس، وقفة احتجاجية نسوية غاضبة أمام مبنى المحافظة المؤقت، حيث خرجت عشرات النساء في مظاهرة حاشدة رافعين لافتات حملت كلمات قوية وواضحة، تعبيرًا عن رفضهن للواقع المعيشي المنهار، ولتفشي الفساد المستشري والانفلات الأمني الذي بات يهدد وجود المدينة ذات التاريخ المجيد.

حملت الوقفة شعار "من أجل حياة كريمة"، وهو شعار تحول إلى صوت جموع الغاضبين من أبناء المحافظة الذين عانوا على مدى سنوات طويلة من الحصار والحرب والإهمال المتعمد، ما انعكس بشكل مباشر على تدهور الخدمات الأساسية، وانعدام الكهرباء والمياه النقعة، وتراجع جودة التعليم والرعاية الصحية، وانهيار الوضع الاقتصادي والأمني.

ورددت المشاركات في الاحتجاج هتافات مدوية طالبت بتوفير الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة، وحمّلن الجهات المعنية المسؤولية الكاملة عن هذا الواقع المرير، كما عبرت المحتجات بصوت واحد عن رفضهن القاطع للصمت الرسمي إزاء معاناة المواطنين، مؤكدين أن الصمت لم يعد خيارًا، وأن "صوت المرأة في تعز سيظل حيًا ولن يصمت أمام هذا العبث والخذلان".

وجاءت هذه الوقفة النسوية ضمن سلسلة من التحركات الاحتجاجية التي تشهدها المحافظات المحررة في الآونة الأخيرة، وتأتي بعد أيام فقط من خروج مظاهرات مماثلة في مدينة عدن، حيث نظمت النساء وقفات احتجاجية في ساحة العروض بخورمكسر، نددت فيها بانهيار الخدمات وتدهور الأوضاع المعيشية في ظل تقاعس الحكومة وغياب الرؤية التنموية أو الخطط الإنقاذية.

وأكد بيان أصدرته المشاركات في الوقفة أن مطالب النساء ليست "رفاهيات" أو ترفًا، بل هي حقوق أساسية تمثل الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، داعيات إلى وضع حدٍ فوري للفساد المستشري، وإقالة ومحاسبة كل من تورط في هدر المال العام ونهب موارد المحافظة، ومطالبات بالقبض على القتلة والمجرمين الذين يعيثون فسادًا في الشارع التعزي، ويهددون أمن المواطنين واستقرارهم.

كما طالبن بإيقاف الانتهاكات المتكررة ضد الحريات العامة، وإنقاذ المؤسسات الحكومية من الانهيار والعمل على إعادة تفعيل دورها الخدمي والتنموي. وفي نداء واضح إلى المجتمع الدولي، دعت المحتجات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى التحرك الفوري لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والضغط على الأطراف المعنية لحماية المدنيين، وتحسين الأوضاع الأمنية والاقتصادية قبل أن تصل المحافظة إلى مرحلة لا تقبل فيها الحلول.

واختتم البيان بكلمات تحمل إرادة لا تلين: "لن نصمت بعد اليوم… الحياة الكريمة حق لا منّة!" ، في رسالة واضحة إلى كل من يراهن على استمرار صمت المرأة التعزية، وهي التي كانت دائمًا عمود الخيمة في كل مراحل النضال الوطني.

ويُنظر إلى هذه الوقفة كمحطة جديدة في مسار تصاعدي للحركة الاحتجاجية المدنية في الجنوب والوسط، وخاصة في ظل تصاعد الأزمات الاقتصادية والخدمية، وغياب أي مؤشرات على تحسن الوضع المعيشي للمواطنين، مما ينذر باستمرار تصاعد الغضب الشعبي، خاصة في ظل عدم وجود رد فعل جاد من الحكومة أو المؤسسات التنفيذية المعنية.