هل تصبح نقطة الانفجار بين مصر وإسرائيل؟
اليوم غزة وغدًا سيناء .. هكذا ستحتل إسرائيل أرض الفيروز ولو بثمن الحرب

مخطط "من النيل إلى الفرات".. من الوثائق إلى الواقع .. تعود فكرة "إسرائيل الكبرى" لتشعل المخاوف مجددًا في المنطقة، إذ لطالما تحدث قادة الحركة الصهيونية عن حلم إقامة دولة تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات؛ هذا المخطط، الذي كثيرًا ما وُصف بأنه جزء من الخيال السياسي، لم يعد بعيدًا عن طاولة التنفيذ، وفق ما تشير إليه تحركات إسرائيل الأخيرة، خاصة بعد العدوان المستمر على غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، وما تبعه من طرح غير مباشر لخطة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء المصرية.
غزة البداية.. وسيناء الهدف القادم
مع عملية "طوفان الأقصى"، حدث ما لم يكن في حسبان تل أبيب: اختراق نوعي من فصائل المقاومة، وهزيمة نفسية للجيش الإسرائيلي، لكن الرد الإسرائيلي لم يقتصر على غزة، بل أخذ بُعدًا جغرافيًا أخطر، إذ بدأ الحديث في أوساط إسرائيلية عن ضرورة تهجير سكان غزة إلى سيناء، دعوة الجيش الإسرائيلي المباشرة لسكان القطاع بالتوجه إلى معبر رفح، لم تكن زلة لسان، بل مؤشراً واضحًا على نوايا استراتيجية تسعى لتغيير الجغرافيا السياسية للمنطقة.
مصر.. الجدار الأخير في وجه الحلم الصهيوني
موقف القاهرة كان حازمًا وواضحًا. الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن رفض مصر القاطع لأي عملية تهجير قسري للفلسطينيين، واعتبر ذلك تصفية للقضية الفلسطينية ومساسًا مباشرًا بالأمن القومي المصري، هذا الرفض لم ينبع فقط من موقف إنساني أو تضامن سياسي، بل من إدراك عميق لمخاطر تهديد سيناء، إذ أن أي توطين مؤقت لسكان غزة هناك سيكون ذريعة مستقبلية لتدخل عسكري إسرائيلي مباشر تحت بند "محاربة الإرهاب".
سيناء.. الأرض المستهدفة منذ كامب ديفيد
رغم انسحاب إسرائيل من سيناء بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979، إلا أن ذلك الانسحاب جاء بشروط تقيّد الوجود العسكري المصري في مناطق بعينها، خاصة المنطقة "ج" المتاخمة لحدود غزة وإسرائيل، وقد استغلت تل أبيب هذه الشروط مرارًا، ونفذت ضربات جوية داخل سيناء خلال معارك مكافحة الإرهاب، في توافق غير معلن مع القاهرة، اليوم، ومع طرح فكرة نقل الفلسطينيين للمنطقة نفسها، تحاول إسرائيل استغلال "ثغرات كامب ديفيد" لتحقيق أهدافها القديمة.
ما بعد غزة: مصر في مرمى الطموح الإسرائيلي
التحليلات التي ربطت بين أحداث غزة ومخطط إسرائيل للسيطرة على سيناء تبدو منطقية أكثر من أي وقت مضى، فالقذافي قبل وفاته قال بوضوح: "ما بعد غزة ستأتي مصر"، ولم يكن الرجل يهذي، بل يقرأ خريطة استراتيجية تتكشف فصولها تدريجيًا، اليوم، بات واضحًا أن إسرائيل، بعد فشلها في احتواء الفصائل، تريد خلق معادلة جديدة على الأرض: تفريغ غزة، ونقل الصراع إلى أرض مصرية لتصبح ساحة معركة بديلة.
السيناريو الأخطر من خيام النزوح إلى احتلال سيناء
الخطة الإسرائيلية لا تتوقف عند التهجير، بل تتضمن ما هو أخطر: إنشاء مخيمات في البداية، ثم مدن فلسطينية صغيرة، يعقبها بالضرورة دخول فصائل مسلحة أو خلايا مقاومة إلى أرض سيناء، وهنا تبدأ إسرائيل في تكرار رواية "حماس في سيناء"، ما يمنحها الغطاء الدولي لتنفيذ تدخل بري محدود أو شامل، هدفه النهائي السيطرة على مناطق استراتيجية قرب قناة السويس.
الجيش المصري.. درع المواجهة المرتقبة
في مواجهة هذا التهديد، تبدو المؤسسة العسكرية المصرية في حالة تأهب قصوى، القدرات المصرية شهدت خلال السنوات الماضية تطورًا نوعيًا، لا سيما في سلاح الجو والدفاع الجوي، كما أن مصر بدأت منذ سنوات بتحصين جبال سيناء وتحويلها إلى قواعد صاروخية بالستية تحت الأرض، الأقمار الصناعية رصدت منشآت عسكرية ضخمة تُبنى في عمق الجبال، وهو ما أثار ذعر الأوساط الأمنية والعسكرية في إسرائيل.
مقارنة القوة العسكرية: الغلبة لمن؟
رغم امتلاك إسرائيل لتكنولوجيا متقدمة وطائرات "إف-35"، إلا أن مصر تملك تفوقًا عدديًا وجغرافيًا يجعلها قادرة على الصمود بل والردع، الجيش المصري يعد من أكبر جيوش المنطقة، ويمتلك قاعدة صاروخية متنامية مدعومة بخبرات كورية شمالية وصينية، كما أن سيناء بحكم تضاريسها تمنح القوات المصرية ميزة دفاعية كبيرة.
الرهان الإسرائيلي على الوقت والاختراقات الناعمة
تحاول إسرائيل تهيئة الرأي العام الدولي لمخططها، مستغلة حالة الاستقطاب العالمي في قضية غزة. في ذات الوقت، تراهن على الضغط المتصاعد داخل مصر من جهة الاقتصاد والتحديات الإقليمية، لتقديم تنازلات مستقبلية قد تبدأ بمنطقة حدودية صغيرة، وتنتهي بخسارة 6% من أرض مصر.
مصر لن تُسلّم سيناء
رفض مصر للتهجير لا يُقرأ فقط على أنه موقف إنساني أو سياسي، بل هو تأكيد على أن سيناء خط أحمر، فالقاهرة تدرك أن فقدان هذه الأرض لن يكون مجرد تنازل جغرافي، بل انكسار استراتيجي سيدفع بكامل الدولة إلى حافة التفكك، وإذا ما حاولت إسرائيل فرض مخططها بالقوة أو بالضغط، فإن معركة كبرى ستكون حتمية، وقد تكون هذه المعركة هي الفصل الأخير في الصراع العربي الإسرائيلي.
سيناء، مصر، إسرائيل، تهجير الفلسطينيين، غزة، خطة إسرائيل الكبرى، الجيش المصري، الجيش الإسرائيلي، طوفان الأقصى، معبر رفح، الدولة الفلسطينية، قصف غزة، كامب ديفيد، قناه السويس، نهر النيل، نهر الفرات، الصراع العربي الإسرائيلي، التوازن العسكري، فصائل المقاومة، الأمن القومي المصري