المشهد اليمني

اكتشاف فصيلة دم جديدة بعد نصف قرن من الغموض .. MAL يدخل سجل العلم

الأحد 22 يونيو 2025 11:47 مـ 26 ذو الحجة 1446 هـ
تحليل فصيلة الدم
تحليل فصيلة الدم

لغز بدأ في السبعينيات .. في عام 1972، وأثناء فحص روتيني لدم امرأة حامل، لاحظ الأطباء في المملكة المتحدة شيئًا غير معتاد: كريات دمها الحمراء تفتقر إلى جزيء سطحي يُدعى AnWj، وهو جزيء كان يُعد موجودًا لدى كل البشر تقريبًا، هذا الغياب الغامض ظل لغزًا محيرًا لعقود، إلى أن أعلنت الطبيبة لويز تيلي وفريقها البحثي عن اكتشافهم لنظام فصيلة دم جديد أطلقوا عليه اسم MAL، وهو ما وُصف بأنه إنجاز طبي نادر وتتويج لرحلة بحث استمرت أكثر من 50 عامًا.

ما هو نظام MAL؟

عُرفت أنظمة فصائل الدم عالميًا مثل ABO وعامل ريزوس (Rh)، لكن العلماء لطالما أكدوا وجود نظم أخرى غير معروفة بالكامل، يعتمد تصنيف فصائل الدم على المستضدات، وهي بروتينات وسكريات سطحية تغلف كريات الدم الحمراء وتُسهم في تمييز خلايا الجسم عن أي عناصر غريبة، غياب هذه المستضدات أو وجود خلل فيها قد يسبب مضاعفات خطيرة خلال عمليات نقل الدم.

فصيلة الدم MAL تميّز الأشخاص الذين لا يمتلكون المستضد AnWj على كرياتهم الحمراء، نتيجة لوجود طفرة جينية في كلا نسختي جين MAL، ما يجعل وجود هذا المستضد غير ممكن في دمائهم.

تحديات في إثبات الاكتشاف

تقول تيلي، اختصاصية أمراض الدم: "كان من الصعب جدًا إثبات هذا الاكتشاف بسبب نُدرة الحالات"، حيث إن أكثر من 99.9% من البشر يمتلكون المستضد AnWj، حتى الآن، لم يُسجل سوى عدد محدود من الأشخاص الذين يفتقرون إلى هذا الجزيء، مما تطلب تحاليل متقدمة وتجارب مخبرية دقيقة للتأكد من ارتباط غيابه بجين MAL.

وما زاد الأمر إثارة أن بعض المرضى لم يملكوا الطفرة في الجين، ما دفع العلماء للاعتقاد بأن هناك أمراضًا دموية أخرى قد تؤثر على تعبير المستضدات السطحية، دون وجود خلل وراثي.

تجارب حاسمة لفك الشيفرة

من أجل التحقق، أدخل العلماء جين MAL الطبيعي إلى كريات دم حمراء من أشخاص يفتقرون إلى المستضد، ولاحظوا استعادته، ما أثبت أن هذا الجين هو المسؤول عن التعبير عن المستضد AnWj، وأكد عالم الأحياء تيم ساتشويل أن المستضد MAL صغير جدًا ويصعب كشفه، لذا كان لا بد من توظيف تقنيات متعددة لتجميع الأدلة.

تداعيات طبية هامة

رغم ندرة الحالات، إلا أن التعرف على فصيلة الدم MAL يفتح آفاقًا جديدة في علم أمراض الدم ونقل الدم الآمن. إذ يمكن أن تؤدي حالات عدم توافق الفصائل إلى ردود فعل مناعية قاتلة، خاصة في العمليات أو لدى النساء الحوامل، حيث تكون دقة الفحص ضرورية جدًا، كما تتيح معرفة هذه الفصيلة الجديدة إمكانية تشخيص مشكلات طبية كامنة لدى أشخاص لا يظهر لديهم المستضد بسبب أمراض مكتسبة.

الأمر اللافت أن المستضد AnWj لا يكون ظاهرًا عند الأطفال حديثي الولادة، لكنه يظهر لاحقًا، ما قد يشير إلى وظيفة حيوية متصلة بالنمو، أو التغيرات الهرمونية.

خطوة جديدة في فهم الدم

هذا الاكتشاف لا يُعتبر مجرد إضافة رقمية إلى عدد فصائل الدم، بل يمثل نقلة نوعية في فهمنا لتركيبة الدم البشري وتنوعه الجيني، فكل فصيلة دم نادرة قد تحمل سرًا يساعد الأطباء في الوقاية من أمراض أو التخطيط لنقل دم أكثر دقة وفعالية.

ومع أن حاملي فصيلة MAL لم يُظهروا أمراضًا مصاحبة حتى الآن، إلا أن المتابعة المستقبلية ستكون ضرورية. وتكمن الأهمية في تمكين المرضى من إجراء فحوص وراثية دقيقة لمعرفة إذا ما كان غياب المستضد لديهم وراثيًا أم نتيجة لحالة صحية مكتسبة.

بعد نصف قرن من الغموض، اكتشف العلماء فصيلة دم جديدة نادرة ترتبط بجين MAL وتفتقر إلى المستضد AnWj، ما يشكل تطورًا محوريًا في مجال أمراض الدم ونقل الدم الآمن، يظل التحدي القادم هو فهم تأثير هذه الفصيلة النادرة على الصحة العامة، والاستفادة منها في تطوير سياسات علاجية وتشخيصية أكثر دقة للأشخاص الذين يحملون تركيبات دموية غير تقليدية.

فصيلة دم جديدة، MAL، فصائل الدم النادرة، جين MAL، مستضد AnWj، كريات الدم الحمراء، لويز تيلي، نقل الدم، أمراض الدم، بروتينات سطحية، علم الوراثة، ساتشويل، طفرات جينية، فصائل الدم النادرة، المستضدات الدموية، فصائل الدم البشرية، فصائل الدم في 2025، اكتشافات طبية