المشهد اليمني

علاقة معقدة بين داء السكري والاكتئاب

دراسة حديثة: أدوية ”GLP-1RA” لمرضى السكري قد تساهم في تقليل خطر الاكتئاب

الأحد 22 يونيو 2025 11:53 مـ 26 ذو الحجة 1446 هـ
أدوية السكر
أدوية السكر

يُعد داء السكري من الأمراض المزمنة المعقدة، ويتطلب التعايش معه التزامًا دائمًا، مما يجعل المصابين به أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب مقارنةً بغيرهم، هذا ما دفع الباحثين إلى محاولة فهم العلاقة بين أدوية السكري والصحة النفسية، وخاصة ما إذا كانت بعض الأدوية تخفف من خطر الإصابة بالاكتئاب.

GLP-1RA… الأمل الجديد لمرضى السكري والاكتئاب

كشفت دراسة حديثة نشرتها حوليات الطب الباطني أن فئة من أدوية السكري تُعرف باسم "ناهضات مستقبلات الببتيد الشبيه بالغلوكاغون-1" (GLP-1RA)، مثل عقار "أوزمبيك"، قد تساهم في تقليل خطر الاكتئاب لدى المصابين بداء السكري من النوع الثاني.

أجريت الدراسة على كبار السن الذين تجاوزوا 66 عامًا، ولم يكن لديهم تاريخ سابق للاكتئاب. وتمت مقارنة تأثير (GLP-1RA) مع فئتين أخريين من الأدوية: مثبطات DPP4 ومثبطات SGLT2، وذلك باستخدام تقنية "محاكاة التجارب المستهدفة" الدقيقة عبر مطابقة المشاركين في العوامل الديموغرافية والصحية.

نتائج لافتة: انخفاض خطر الاكتئاب بنسبة 10%

أظهرت النتائج أن مستخدمي أدوية (GLP-1RA) كانوا أقل عرضة بنسبة 10% للإصابة بالاكتئاب مقارنة بمستخدمي مثبطات DPP4، بينما كانت معدلات الإصابة بالاكتئاب متشابهة تقريبًا عند مقارنتهم بمستخدمي مثبطات SGLT2.

كما لوحظ أن الاستمرار في استخدام (GLP-1RA) لفترة أطول ارتبط بانخفاض إضافي في خطر الاكتئاب، ما يشير إلى أن لهذه الأدوية فوائد تتجاوز التحكم في مستويات السكر في الدم فقط.

أبعاد سريرية ونفسية متداخلة

علق الطبيب محمود نصار من جامعة بافالو على الدراسة مشيدًا بتصميمها الدقيق الذي استبعد المرضى المصابين بالاكتئاب سابقًا أو من استخدموا مضادات الاكتئاب، ما ساهم في تقليل التشويش وتحسين دقة النتائج، موضحًا أن هذه الأدوية قد توفّر تحكمًا جيدًا في مستويات الغلوكوز مع دعم إضافي في استقرار الحالة المزاجية.

عوامل معقدة قد تؤثر في النتائج

رغم أهمية النتائج، أشار الباحثون إلى عدة قيود في الدراسة. أبرزها عدم وجود بيانات عن مؤشر كتلة الجسم أو مستويات الهيموغلوبين A1C، ما قد يؤثر في دقة التقييم، كما أن نتائج الدراسة تركزت على كبار السن، ولا يمكن تعميمها على الشباب أو من يستخدمون الدواء بهدف إنقاص الوزن فقط.

والأشخاص الملتزمين باستخدام الدواء قد يكونون بطبيعتهم أكثر ميولًا للسلوكيات الصحية، مما قد يؤثر في النتائج ويقود إلى ما يُعرف بـ"السببية العكسية".

ما الذي يجعل GLP-1RA تقلل من خطر الاكتئاب؟

أوضح الدكتور أندريس سبلينسر من ميموريال هيرمان أن أدوية GLP-1RA قد تؤثر إيجابيًا في المزاج من خلال عدة آليات، من أبرزها تحسين التحكم في الشهية، والمساعدة على فقدان الوزن، والتحكم في مستويات السكر، وكلها عوامل قد تسهم في تحسين نظرة المريض لنفسه ومرضه، وبالتالي في تعزيز حالته النفسية.

وأشار إلى أن "المزاج والشهية مرتبطان بقوة"، وغالبًا ما تكون العلاقة بين الاكتئاب والطعام عاطفية، سواء عبر الإفراط في تناول الطعام أو استخدامه كآلية للتكيف، لذا فإن أدوية مثل GLP-1RA التي تتحكم في الشهية قد تساعد المرضى في اتخاذ خيارات غذائية أفضل والشعور بصحة عامة أفضل.

فوائد مزدوجة ولكن بحذر

رغم أن نتائج الدراسة مشجعة وتسلط الضوء على ارتباط محتمل بين أدوية GLP-1RA وتقليل خطر الاكتئاب، فإن الباحثين ينبهون إلى أن هذه العلاقة تحتاج إلى دراسات أوسع وأكثر دقة، تشمل فئات عمرية متنوعة وتأخذ بعين الاعتبار العوامل السلوكية والبيولوجية المتعددة.

ومع ذلك، فإن هذا الاكتشاف يعزز الآمال بأن بعض أدوية السكري قد تقدم فوائد تتجاوز ضبط الغلوكوز، لتشمل تحسين الحالة النفسية، وهي خطوة مهمة نحو إدارة شاملة ومتوازنة لمرض السكري.


GLP-1RA، أدوية السكري، الاكتئاب، أوزمبيك، DPP4i، SGLT2i، علاج السكري، الصحة النفسية، التحكم في الشهية، فقدان الوزن، محاكاة التجارب، حوليات الطب الباطني، الغلوكوز، التمثيل الغذائي، داء السكري من النوع الثاني، مضادات الاكتئاب، دراسات طبية، المزاج والسكري، الشيخوخة والاكتئاب، برنامج الرعاية الطبية الأمريكي