المشهد اليمني

”بين الجنة والجحيم”... القاضي قطران يوثّق الفروق الصادمة بين عدن وصنعاء

الثلاثاء 24 يونيو 2025 12:12 صـ 28 ذو الحجة 1446 هـ
القاضي قطران في عدن
القاضي قطران في عدن

في منشور طويل عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، تناول القاضي عبدالوهاب قطران انطباعاته خلال زيارته الأخيرة لمدينة عدن، مقارنًا إياها بالوضع المعيشي والإنساني المتردي في العاصمة صنعاء، التي وصفها بـ"ساحة حرب مفتوحة على النفس".

عدن: "جنة أرضية" رغم التحديات

كشف قطران أن إقامته في عدن خلال إجازة عيد الأضحى (11 يومًا) كانت بمثابة "نسمة في زمن الاختناق"، حيث استراح من الأجواء المشحونة في صنعاء، معتبرًا أن الحياة في عدن، رغم عدم مثاليّتها، تُشبه "جنة أرضية" مقارنة بواقع العاصمة الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وأبرز ملامح تلك المقارنة:

  • الخدمات الأساسية: الكهرباء الحكومية تصل 4 ساعات يوميًا، بينما تكاد تنعدم في صنعاء.

  • الأسعار: الغاز (1500 ريال قديم للأسطوانة)، الوقود (7000 ريال للدبة)، والإنترنت (7 جيجابايت بـ200 ريال قديم) – جميعها بأسعار معقولة مقارنة بأسعار صنعاء "المتوحشة".

  • الحركة الاقتصادية: "المال يجري في أيدي الناس" والسيولة متوفرة، على عكس صنعاء حيث "الاقتصاد مشلول".

  • التسول: نادر ويقتصر على المهمشين، بينما تحوّلت صنعاء إلى "سوق مفتوح للتسول" بكل فئاتها.

صنعاء: "حيث الحياة حرب والفرح تهمة"

تحوّل حديث قطران إلى صنعاء بلهجة مليئة بالمرارة، مستشهدًا بقول الشاعر عبدالله البردوني: "مليحة عاشقها السلّ والجربُ"، واصفًا المدينة بأنها:

  • كارثة إنسانية: انتشار واسع للتسول، غلاء مهول في كل الخدمات (الكهرباء، الماء، الغاز، التعليم، الصحة)، وانهيار كامل للزراعة بسبب الجفاف.

  • موت اجتماعي: "الناس يتضورون جوعًا بصمت"، مع تحوّل الفرح إلى "تهمة سياسية" والطمأنينة إلى "خيانة وطنية".

  • صراع يومي للبقاء: "أصبحنا وحوشًا حضارية... نكفّن أرواحنا صباحًا ونحييها ليلًا".

ختام مأساوي: "صنعاء ساحة حرب على الذاكرة والحياة"

اختتم القاضي منشوره بتشبيه صنعاء بـ"برزخ رمادي" بين الحياة والموت، مستذكرًا مقولة نيكوس كازانتزاكيس عن "الإله القاسي" الذي يفرض على شعبه القتال الدائم للبقاء. وخلص إلى أن المدينة صارت "ساحة حرب على النفس والذاكرة"، فيما يشبه نبوءة بانهيار كامل لمقومات العيش الكريم.

يأتي منشور القاضي قطران كواحد من أقسى الشهادات التي تكشف الفجوة الهائلة بين واقع المدينتين، ليس فقط على مستوى الخدمات، بل أيضًا في النفس الإنسانية التي أنهكها الصراع. وهو يُظهر كيف تحوّلت صنعاء إلى نموذج للانهيار الشامل، بينما تمسكت عدن – رغم كل تحدياتها – ببذور الحياة.