المشهد اليمني

تي ريكس «سو»..

أشهر ديناصور في العالم يكشف أسرار جديدة عن الحفريات

الأربعاء 25 يونيو 2025 10:43 مـ 29 ذو الحجة 1446 هـ
ديناصور
ديناصور

في صيف عام 1990، بينما كانت تجوب المنقبة الأمريكية سو هندريكسون سهول داكوتا بحثًا عن الأحافير، لم تكن تدرك أن اكتشافها سيقلب عالم الديناصورات رأسًا على عقب، أثناء تجولها على ارتفاع شاهق، لمحت ثلاث عظام ضخمة بارزة من الصخور، كانت بداية الطريق نحو الكشف عن أشهر هيكل عظمي للتيرانوصور ريكس في التاريخ، أُطلق عليه اسم «سو» تكريمًا لها.

الاكتشاف جذب اهتمام معهد بلاك هيلز للأبحاث الجيولوجية، وسرعان ما بدأ فريق مكوّن من ستة أفراد عملية دقيقة لاستخراج العظام، التي استمرت 17 يومًا، ومع اكتمال التنقيب، أدرك العلماء أنهم عثروا على الهيكل الأكثر اكتمالًا وأهمية لديناصور التي ريكس، مفترس العصور السحيقة المهيب.

فضيحة قانونية.. والحفرية تُصادر

لكن القصة لم تتوقف عند حدود الاكتشاف العلمي، بل امتدت إلى أروقة القضاء الأمريكي، فقد اشترى رئيس المعهد، بيتر لارسن، حق التنقيب من أحد سكان قبيلة شايان ريفر سوكس مقابل 5000 دولار، غير أن الأرض كانت تحت وصاية الحكومة الفيدرالية، ما جعل الصفقة غير قانونية دون تصريح خاص.

وفي عام 1992، داهمت قوات مكتب التحقيقات الفيدرالي والحرس الوطني المعهد، وصادرت الحفرية وسط جدل قانوني استمر سنوات، إلى أن انتهى الأمر ببيعها في مزاد علني نظمته دار سوذبيز بنيويورك عام 1997، حيث بيعت مقابل 8.36 مليون دولار، في صفقة ضخمة مولها متحف فيلد في شيكاغو بمساهمة من شركات كبرى مثل ماكدونالدز وديزني.

سو.. حجر رشيد الديناصورات

منذ عرضها الأول عام 2000، تحولت «سو» إلى رمز علمي وثقافي، لا سيما أنها واحدة من أكثر أحافير التي ريكس اكتمالًا بنسبة 90%، وتضم 250 من أصل 380 عظمة معروفة لهذا النوع، بما في ذلك عظام نادرة كعظمة الأذن وعظمة الأمنيات.

ويقول ويليام سيمبسون، رئيس قسم الفقاريات الأحفورية في متحف فيلد، إن هذه الحفرية أتاحت للعلماء فهمًا غير مسبوق لطبيعة التي ريكس، من حيث البنية والتشريح، بعيدًا عن التخمين أو تركيب هياكل مختلفة من أفراد آخرين.

ديناصور مراهق بحجم حافلة

دراسة حلقات النمو في عظام «سو» كشفت أن الديناصور شهد طفرة نمو هائلة في سن المراهقة، اكتسب خلالها نحو 45 رطلًا أسبوعيًا، إلى أن بلغ حجم البالغين في عمر 20 عامًا تقريبًا، وبطول يصل إلى 40.5 قدمًا ووزن يبلغ 9 أطنان، كانت «سو» أحد أضخم الديناصورات المكتشفة، حتى ظهور منافسها «سكوتي» في كندا عام 1991، والذي قدّر وزنه بـ 9.8 طنًا.

ديناصور معمر وحياة قاسية

تُعد «سو» واحدة من أقدم التي ريكس التي عاشها العلماء، حيث قُدّر عمرها عند الوفاة بنحو 33 عامًا، متفوقة على أغلب نظرائها، ومع ذلك، لم تكن حياتها سهلة؛ فقد كشفت الدراسات عن إصابات وكسور، والتهابات في العظام، وتمزق في الأوتار، وحتى التهاب مفاصل، ما يشير إلى حياة صاخبة مليئة بالمواجهات القاسية.

إرث تجاري وجدل أخلاقي

لم يُغير اكتشاف «سو» الأوساط العلمية فقط، بل دفع بأسعار الأحافير عالميًا إلى مستويات غير مسبوقة. فبعد بيعها بملايين الدولارات، أصبحت تجارة الحفريات سوقًا مربحة، وصلت ذروتها عام 2024 عندما بيعت أحفورة ستيجوصور بـ 40 مليون دولار، لكن هذا الواقع يثير تساؤلات أخلاقية، خاصة مع توزيع نصف أحافير التي ريكس بين المتاحف المعتمدة والأسواق الخاصة، ما يعقّد وصول العلماء إلى هذه الكنوز الطبيعية.

ديناصور غيّر وجه التاريخ

سواء كان ذلك من خلال الاكتشافات العلمية الدقيقة، أو المعارك القانونية، أو الجدل التجاري، لا شك أن «سو» تي ريكس تركت بصمة لا تُنسى في علم الحفريات والثقافة الشعبية، وأعادت رسم صورة الديناصورات في الوعي البشري، كرمز للعلم والطبيعة، وأحيانًا للطمع التجاري أيضًا.

ديناصور تي ريكس، أحفورة سو، اكتشاف الديناصورات، الحفريات الشهيرة، سوق تجارة الأحافير، متحف فيلد شيكاغو، سو هندريكسون، التيرانوصور ريكس، أكبر ديناصور مكتشف، أحافير داكوتا، تاريخ الحفريات، ديناصورات العصر الطباشيري، علوم الحفريات، نزاعات قانونية الأحافير، حياة الديناصورات، تجارة الأحافير العالمية، نمو الديناصورات، اكتشاف سو، المزادات الشهيرة للأحافير، المتاحف العالمية والأحافير.