الأردن يمنع حبس المَدِيْن.. بدء تنفيذ القانون يثير جدلاً واسعاً بين مؤيد ومعارض

تشهد الأوساط الأردنية هذه الأيام حالة من الجدل الواسع مع بدء سريان النص القانوني الذي يمنع حبس المدين في قضايا الديون المدنية، وهو القرار الذي دخل حيز التنفيذ رسميًا اعتبارًا من الخميس، بعد ثلاث سنوات من إقراره ضمن تعديلات قانون التنفيذ لعام 2022، في عهد حكومة بشر الخصاونة.
هذا القانون الذي استثنى الديون الناتجة عن عقود الإيجار والعمل وبعض القضايا الأخرى، أحدث انقسامًا حادًا بين من يعتبره خطوة حقوقية متقدمة، ومن يرى فيه تهديداً لمناخ الأعمال والاستقرار المالي في الأردن.
أكثر من 95 ألف مذكرة كف طلب وإفراج
مع بدء تطبيق القانون، صدرت مذكرات كف طلبات وإفراج عن نحو 95 ألف مدين، بين محكوم وموقوف لدى دوائر التنفيذ القضائية، في خطوة تُوصف بأنها من الأكبر على مستوى الأردن فيما يخص القضايا المالية، ويشير محامون إلى أن هذه الأرقام تعكس حجم الإشكالية المتراكمة في ملف الديون والتزامات الأفراد والشركات الصغيرة.
نص القانون.. حماية للمدين وإرباك للدائنين
القانون المعدل يمنع حبس المدين غير القادر على الوفاء بالالتزامات التعاقدية، باستثناء عقود الإيجار والعمل وبعض الديون المرتبطة بحقوق شخصية أو تعويضات عن أضرار مادية أو معنوية، إضافة إلى الديون التي تتجاوز 5 آلاف دينار أردني لصالح خزينة الدولة.
المحامي صخر الخصاونة أكد في تصريحات لـCNN بالعربية أن هذه التعديلات جاءت انسجاماً مع التزامات الأردن بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يمنع حبس المدين بسبب الديون المدنية، مشيراً في الوقت ذاته إلى وجود فراغ تشريعي في ما يتعلق بضمانات حماية حقوق الدائنين، ما يجعل تطبيق القانون محفوفاً بإشكاليات.
مخاوف التجار وأصحاب المشاريع الصغيرة
التجار وأصحاب المشاريع الصغيرة تحديداً عبّروا عن قلقهم من تداعيات القانون الجديد، لا سيما مع تراجع قوة الردع للشيكات بعد وقف تجريمها جزائياً بالنسبة للشيكات التي تصدر بعد 25 يونيو الجاري، وفق تصريحات وزير العدل الأردني بسام التلهوني.
وتقول المحامية والحقوقية الأردنية تغريد الدغمي إن البدائل القانونية التي أُدرجت في القانون المعدل لضمان تحصيل الديون، مثل الحجز على الممتلكات أو منع السفر، غير كافية، خاصة أن شريحة واسعة من المدينين لا يمتلكون أصولاً يُمكن الحجز عليها، ما يهدد بحقوق الدائنين ويُعطل الثقة في المعاملات التجارية.
حلول بديلة.. بين الواقعية والجدل
وسط هذا الجدل، برزت مقترحات قانونية مثل تطبيق مبدأ "الإعدام المدني"، الذي يحد من الحقوق السياسية والمدنية للمدينين غير الملتزمين بالسداد، كمنع إصدار جوازات السفر أو رخص القيادة، غير أن هذا الحل قوبل أيضاً بانتقادات واسعة باعتباره غير عملي، وقد يؤدي إلى مزيد من التعثر المالي، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها فئات الشباب والنساء وأصحاب المشاريع الصغيرة.
اقتصادياً.. أثر مباشر على حركة الشيكات والتمويل
بحسب تقديرات الخبراء، يصل حجم التداول السنوي للشيكات في الأردن إلى نحو 41 مليار دينار أردني، فيما تُقدر نسبة الشيكات المرتجعة بين 3% إلى 5% سنوياً، بما يعادل نحو 1.2 مليار دينار، ومن المتوقع أن تنحصر معاملات الشيكات تدريجياً بين البنوك، والحكومة، وبعض الشركات الكبرى، في حين ستتضرر القطاعات التجارية والصناعية والخدمية الأصغر، التي تعتمد على البيوعات الآجلة والشيكات كوسيلة لضمان الحقوق.
الملاءة المالية والهوية الرقمية.. حلول مؤقتة؟
في محاولة لتعزيز حماية الحقوق المالية، أعلنت الحكومة الأردنية مطلع الشهر الجاري عن إتاحة خدمة الاستعلام الرقمي عن الملاءة المالية للأشخاص المصدّرين للشيكات، عبر منصة "كريف الأردن"، مع التحقق من الهوية الرقمية والتوقيع الإلكتروني عبر تطبيق "سند"، كإجراءات وقائية تهدف لتحصين التعاملات التجارية.
خطوة حقوقية أم قنبلة موقوتة؟
بين مؤيد يراها خطوة ضرورية لاحترام حقوق الإنسان، ومعارض يخشى تداعياتها على الاستقرار المالي، يبقى تنفيذ قانون منع حبس المدين في الأردن نقطة تحوّل محورية في العلاقة بين الدائن والمدين، تتطلب، بحسب خبراء، المزيد من التشريعات والضمانات لتحقيق التوازن بين حماية الحقوق الفردية وضمان بيئة تجارية آمنة وموثوقة.
قانون منع حبس المدين الأردن، حبس المدين في الأردن، تعديلات قانون التنفيذ، الديون المدنية الأردن، الشيكات بدون رصيد الأردن، جدل قانون التنفيذ الأردن، حماية حقوق الدائنين، حقوق المدينين، الملاءة المالية الأردن، الاقتصاد الأردني، مشروع قانون التنفيذ الأردن، الشيكات في السوق الأردني، أزمة الديون الأردن، الضمانات القانونية الأردن، الحقوق المدنية الأردن، القانون الأردني، تنفيذ القوانين في الأردن، المحاكم الأردنية، البيئة التجارية في الأردن، المشاريع الصغيرة في الأردن.