مفاوض إيراني بارز يحذّر: إذا سعت واشنطن لتغيير النظام طهران ستسعى لامتلاك القنبلة النووية

في خضم التصعيد المتواصل بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل، أطلق حسين موسويان أحد أبرز الدبلوماسيين والمفاوضين النوويين السابقين في إيران، تحذيرات مباشرة اعتبرها مراقبون بمثابة جرس إنذار للمنطقة والعالم. موسويان، الذي شغل سابقًا منصب المفاوض النووي وسفير إيران في ألمانيا، كشف في مقابلة مطوّلة مع شبكة CNN من باريس أن بلاده قد تتجه فعليًا نحو امتلاك قنبلة نووية في حال استمرت واشنطن في مساعيها لتغيير النظام الإيراني بالقوة، محذرًا من أن استمرار التصعيد الحالي قد يدفع المنطقة نحو كارثة شاملة يصعب احتواؤها.
إيران ترد بصواريخ على القواعد الأمريكية في قطر
جاءت تصريحات موسويان بعد ساعات من إعلان إيران تنفيذ هجوم صاروخي على قاعدة أمريكية في قطر، في رد مباشر على الضربات التي شنّتها الولايات المتحدة على مواقع إيرانية، ضمن التوترات المتصاعدة على خلفية البرنامج النووي الإيراني والملفات الإقليمية الأخرى، ووفق التلفزيون الرسمي الإيراني، أطلقت طهران 11 صاروخًا، فيما وصفته بـ"الرد المتناسب" مع القنابل الأمريكية التي استهدفت منشآت إيرانية مؤخرًا.
ويُعد هذا الهجوم تطورًا خطيرًا في سياق التصعيد القائم، خصوصًا أنه الأول من نوعه الذي يستهدف قواعد أمريكية في منطقة الخليج منذ بداية الأزمة الأخيرة، ما يفتح الباب أمام احتمالات عدة، قد يكون أسوأها الانزلاق إلى مواجهة عسكرية مباشرة واسعة النطاق بين طهران وواشنطن، مع امتداد التوترات إلى دول الجوار.
موسويان: إيران لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تغيير النظام
خلال المقابلة، أكد موسويان أن الرد الإيراني كان متوقعًا، وأنه يجسّد ما وصفه بـ"الحسابات الدقيقة" التي تتبعها المؤسسة الحاكمة في طهران في التعامل مع أي اعتداء خارجي، موضحًا أن القيادة الإيرانية تعي جيدًا طبيعة التوازنات، وتسعى للرد بطريقة مدروسة لتجنّب دفع الأمور إلى نقطة اللاعودة، مع الحفاظ على هيبة الدولة وقوة الردع لديها.
إلا أن موسويان لم يُخفِ قلقه من النوايا الغربية، خاصة الأمريكية والإسرائيلية، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي في نظر القيادة الإيرانية قد لا يقتصر على منع إيران من امتلاك سلاح نووي، بل يتعداه إلى محاولة إسقاط النظام الحاكم في طهران وإضعاف الدولة الإيرانية بالكامل، وهو ما سيدفع إيران في نهاية المطاف، بحسب قوله، إلى السعي فعليًا لامتلاك القنبلة النووية كخيار وحيد لضمان البقاء والردع.
دروس التاريخ الإيراني في مواجهة الضغوط
ولم تغب عن حديث موسويان الإشارة إلى تجارب تاريخية شكلت معالم السياسة الإيرانية في مواجهة الأزمات، حيث استعاد المفاوض الإيراني السابق ذكريات الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، مؤكدًا أن إيران، رغم الدعم الدولي الواسع الذي تلقاه نظام صدام حسين آنذاك، استطاعت الصمود والاستمرار دون التنازل عن أي شبر من أراضيها، وهو ما وصفه بأنه "دليل تاريخي" على أن الضغوط والعقوبات والحروب لن تسقط النظام الإيراني، بل ستزيده تمسكًا بمواقفه.
كما استذكر موسويان موقف المرشد الأعلى الراحل آية الله الخميني عندما أعلن قبوله وقف إطلاق النار واصفًا إياه بـ"كأس السم"، مؤكدًا أن ذلك القرار لم يكن استسلامًا، بل خيارًا للحفاظ على وحدة الدولة الإيرانية وعدم الزج بها في حرب استنزاف لا نهاية لها.
الاتفاق النووي والرهان على الدبلوماسية
وفي ما يتعلق بالمفاوضات النووية، شدد موسويان على أهمية العودة للاتفاق النووي لعام 2015، معتبرًا إياه السبيل الوحيد لحل الأزمة، مشيرًا إلى أن الاتفاق تضمن أعلى مستويات الشفافية والتفتيش من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما يُثبت، بحسب قوله، أن البرنامج النووي الإيراني كان، ولا يزال، ذا طابع سلمي بحت.
وانتقد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق، معتبرًا أن تلك الخطوة كانت السبب الرئيس في التصعيد الحالي، وأن إيران، بعد انسحاب واشنطن، بدأت تتراجع تدريجيًا عن التزاماتها النووية كورقة ضغط سياسية تفاوضية، إلا أن البرنامج، حتى اللحظة، لم يتجه للطابع العسكري وفق تأكيداته.
إيران جاهزة لخفض التخصيب والتعاون النووي الإقليمي
في خطوة لافتة، كشف موسويان عن استعداد طهران لتقليص مخزونها من اليورانيوم المخصب، بل وحتى خفض نسب التخصيب إلى أقل من 5%، وهو المعدل المسموح به للأغراض السلمية، مؤكدًا أن بلاده منفتحة على التعاون الإقليمي في المجال النووي، بما في ذلك إقامة اتحاد إقليمي للطاقة النووية السلمية يضم دول الخليج بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لضمان الشفافية وتجنّب سباق تسلح نووي في المنطقة.
الخط الأحمر الإيراني.. احترام السيادة وعدم السعي لإسقاط النظام
رغم انفتاحه على التفاوض، أكد موسويان أن هناك "خطًا أحمر" لن تقبل طهران بتجاوزه، وهو المساس بسيادتها أو محاولة إسقاط نظامها السياسي، محذرًا من أن أي خطوات أمريكية أو إسرائيلية في هذا الاتجاه ستدفع إيران حتمًا لتغيير استراتيجيتها، بما في ذلك خيار امتلاك السلاح النووي، على غرار ما حدث في كوريا الشمالية، معتبرًا أن بلاده لن تسمح بأن تُترك بلا وسائل ردع في مواجهة تهديدات وجودية مباشرة.
الدعوة لوقف التهديدات والعودة إلى الحوار
وفي ختام حديثه، دعا موسويان إيران وإسرائيل إلى وقف التهديدات المتبادلة والالتزام بميثاق الأمم المتحدة، مشددًا على أن لغة التصعيد ستقود الجميع إلى المجهول، بينما يمكن للمفاوضات والدبلوماسية، إذا ما أُعطيت الفرصة، أن تُجنّب المنطقة والعالم سيناريو الحرب الشاملة، وتفتح الباب أمام تفاهمات تضمن الأمن والاستقرار للجميع.
إيران، القنبلة النووية الإيرانية، حسين موسويان، التصعيد الإيراني الأمريكي، الرد الإيراني على أمريكا، البرنامج النووي الإيراني، مفاوضات الملف النووي، تغيير النظام في إيران، الاتفاق النووي الإيراني، الصراع الإيراني الإسرائيلي، الهجوم الإيراني على قطر، صواريخ إيران، مفاوضات واشنطن وطهران، الشرق الأوسط النووي، الأزمة الخليجية، التوتر في الخليج، إسرائيل وإيران، البرنامج النووي السلمي، معاهدة حظر الانتشار النووي، حرب الخليج، الملف النووي الإيراني.