المشهد اليمني

من أنصار غزة إلى قتلة حملة القرآن.. صالح حنتوس يُسقط قناع الحوثيين ويفقدهم ”التعاطف العربي”

الخميس 3 يوليو 2025 11:20 مـ 8 محرّم 1447 هـ
الشيخ صالح حنتوس
الشيخ صالح حنتوس

شهدت الأيام الأخيرة موجة غضب واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي، بعد جريمة قتل الشيخ صالح حنتوس، معلم القرآن السبعيني، على يد مليشيا الحوثي، ما شكل تحولًا لافتًا في موقف كثير من المؤثرين العرب الذين كانوا قد أيدوا الحوثيين تحت شعار "مساندة غزة".

منذ بداية الحرب على قطاع غزة، حاولت مليشيا الحوثي كسب تعاطف الرأي العام العربي، عبر إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه إسرائيل والبحر الأحمر، لكن جريمة اغتيال الشيخ حنتوس في منزله بمحافظة ريمة، وهدم منزله وقتل أحد أقاربه، فجّرت موجة إدانات غير مسبوقة - طالعها "المشهد اليمني"، خصوصًا بعد أن زعمت الجماعة في بيان رسمي أن الشيخ كان عميلًا لأميركا وإسرائيل.

الأكاديمي الموريتاني محمد مختار الشنقيطي كتب: "ويلٌ لأهل المسيرة القرآنية من استهداف دار القرآن الكريم، وقَتْل رجل القرآن الكريم صالح حنتوس".

الصحفي سمير العركي علّق قائلًا: "فيديو وصلني اليوم لتسجيل صوتي للشيخ صالح حنتوس رحمه الله يبدو أنه أرسله عندما أيقن أنه مقتول لا محالة، كما يتضمن المقطع تسجيلًا لوالدة زوجته وهي ترسل استغاثة لإنقاذهم من الهجوم الحوثي على المنزل".

وفي شهادة مؤثرة كتب أحد أبناء ريمة المقيم في أوروبا: "صالح حنتوس، الاسم الذي عرفته وأنا طفل، ظل يعلم الناس كتاب الله حتى حين كانت مديرية السلفية مغلقة سياسيًا لصالح الحزب الاشتراكي. لم يغلق مصحفه، لم يغلق حلقته. حتى جاء الحوثي، فأحرق داره قبل عام، وأغلق مركزه قبل خمس سنوات، واليوم يعود ليغلق الصفحة الأخيرة: حياته".

الداعية المصري محمد الصغير كتب: "حزن عميق أصاب الأمة الإسلامية بعد جريمة مقتل الشيخ صالح حنتوس شهيد القرآن... اللهم ارحمه واغفر له وتقبل منه، واجعل دمه لعنة على من قتله".

وفي منشور آخر أضاف: "ما قمت به من تعزية في جريمة قتل فضيلة الشيخ صالح حنتوس هو بعض الواجب، ولا تعارض بين ذلك وبين موقفي من قصف أمريكا للحوثي. يتحتم عليّ فضح جريمة اغتيالهم لرجل القرآن الكريم، وكلا الموقفين مردهما إلى الوسطية والاعتدال، وإعمال فقه الميزان".

المسؤول المصري السابق سلامة عبدالقوي قال: "دائمًا أقول الإجرام لا دين له ولا مذهب، كل الجرائم محرمة شرعًا سواء كان فاعلها مسلمًا أو كافرًا، سنيًا أو شيعيًا. رحم الله الشيخ صالح حنتوس شهيد الفتن الطائفية، والذي قتلته عصابة من الحوثيين".

الصحفي السوري عمر مدنية كتب: "قامت مليشيا الحوثي بمحاصرة منزل الشيخ صالح حنتوس، أحد أبرز معلمي القرآن الكريم في ريمة، وبعدها قامت بقتله. ثم تسمع المنافقين يصفقون للحوثي ويلمعونه".

حساب "رؤى لدراسات الحرب" قال: "الحوثيون يقتلون الداعية اليمني والقيادي في حزب الإصلاح صالح حنتوس داخل منزله في قرية المعذب بمديرية السلفية بمحافظة ريمة. قصفوا المنزل بقذائف آر بي جي، مما أدى إلى مقتله وإصابة زوجته بجروح خطيرة".

الكاتب الفلسطيني الدكتور ياسر الزعاترة كتب: "لا أسوأ من الجريمة غير تبريرها. زعم بيان لشرطتهم أن حنتوس كان يدعو للفوضى والتمرد. حشر فلسطين في السياق ضرب من الابتذال والإساءة لقضيتها".

الصحفي المصري جمال سلطان قال: "ضجة في اليمن بعد اقتحام الحوثيين منزل الشيخ صالح حنتوس وقتله مع أحد الأحفاد. حزب الإصلاح وصف العملية بالإرهابية، ودعا المجتمع الدولي لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية".

الإعلامي التونسي حسام الهمادي كتب: "بيان شرطة ريمة برر قتل الشيخ باتهامه بأنه ضد التحركات الداعمة لفلسطين، وهذا محاولة لجعل فلسطين شماعة لتبرير الجريمة. ستخسرون الكثير إذا واصلتم قيادة الدولة بعقلية الجماعة".

شبكة رصد المصرية نشرت: "مقتل الداعية اليمني صالح حنتوس على يد الحوثيين بسبب تحفيظه القرآن للأطفال بعد إغلاقهم دار التحفيظ".

وتحولت جريمة اغتيال معلم القرآن الشيخ صالح حنتوس إلى قضية رأي عام في مواقع التواصل، انتشرت حولها مئات الآلاف من التغريدات من معظم دول العالم.

حول ذلك علق الدكتور فضل مراد بالقول: "تحولت قضية الشيخ صالح حنتوس إلى قضية عالمية. لقد ملأت قضيته القنوات والمنظمات والصحافة والعلماء من مختلف دول العالم. وهذا هو الرصد الذي لن يُنسى".


وبرر الحوثيون جريمتهم النكراء، باتهام الشيخ صالح حنتوس، بعدم مساندة فلسطين، متجاهلين عمله لعقود في دعم القضية الفلسطينية وشعبها المرابط.

وكان الشيخ حنتوس، البالغ من العمر أكثر من 70 عامًا، قد استُشهد مساء الثلاثاء 1 يوليو الجاري، إثر حصار وقصف شنته قوة حوثية كبيرة تكونت من 50 طقما عسكريًا، استهدفت منزله بشكل مباشر، ما أدى أيضًا إلى إصابة زوجته بجروح خطيرة، في جريمة أثارت موجة استنكار واسعة في الأوساط اليمنية.

وقد حاولت مليشيات الحوثي خلال الأعوام الماضية منع الشيخ حنتوس من تحفيظ القرآن الكريم في مسجده، بعد أن أغلقت دار التحفيظ التي كان يشرف عليها منذ عقود، وقامت بتهديده ومضايقته مرارًا، وصولًا إلى محاولة اختطافه، غير أنه رفض الاستسلام، وواجه الهجوم حتى استُشهد.

وبحسب شهادات من أبناء المنطقة، فإن الشيخ الراحل أفنى عمره في تعليم كتاب الله، والصلح بين الناس، وخدمة المجتمع، قبل أن ينتهي به المطاف قتيلًا على يد جماعة تزعم الدفاع عن القيم والمظلومين، بينما تمارس القتل والحصار بحق من يحفظون القرآن.

ونشر شهيد القرآن صالح حنتوس، تسجيلا قبل استشهاده، يؤكد فيه أنه مظلوم، وأن المليشيات الحوثية نهبت مرتباته، ورفضت التجاوب معه عندما ذهب إليها - قال إلى الدولة - وأطلقت عليه النار في مسجده، وحاولت اغتياله وهددته بقصف منزله - وهو ما تم لاحقًا -، مؤكدا أنه سيدافع عن ماله وعرضه وأسرته حتى ينال الشهادة.

وأعرب اليمنيون والعرب عن صدمتهم من الجريمة، مؤكدين أنها تكشف تناقضات الخطاب الحوثي الذي يدّعي نصرة غزة، في حين تستهدف الجماعة معلمي القرآن داخل اليمن، وتفجر المساجد ومنازل المدنيين.