غياب شي وبوتين يربك قمة بريكس في البرازيل.. وتوافق هش بشأن الشرق الأوسط ورسوم ترامب

بينما يجتمع زعماء دول مجموعة البريكس في مدينة ريو دي جانيرو وسط إجراءات أمنية مشددة، يخيم التوتر على أعمال القمة بسبب الغياب اللافت للرئيسين الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، والانقسامات حول ملفات الشرق الأوسط، في مقابل توافق نسبي على رفض السياسات التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ومن المتوقع أن تندد المجموعة، التي تمثل نحو 40% من الناتج الإجمالي العالمي ونصف سكان الأرض، بما تعتبره رسوماً جمركية غير منصفة تفرضها الولايات المتحدة على وارداتها. مصادر مطلعة على المفاوضات أكدت أن إعلان القمة الختامي لن يذكر واشنطن أو ترامب بالاسم، لكنه سيحمل انتقادات مبطنة للنهج الأميركي.
وكان الرئيس ترامب قد صعّد من نبرته التجارية منذ عودته للبيت الأبيض مطلع العام، متوعدًا بفرض رسوم جمركية جديدة تدخل حيّز التنفيذ في 9 يوليو، وأكد أنه وقّع على نحو 12 رسالة ستُرسل هذا الأسبوع إلى شركاء تجاريين لإبلاغهم بالقرارات الجديدة.
وفي غياب الرئيس الصيني لأول مرة منذ 12 عامًا عن قمة بريكس، أُثيرت تكهنات حول الدوافع. ووفقًا لرايان هاس، المدير السابق لشؤون الصين في مجلس الأمن القومي الأميركي، فإن الغياب قد يكون مرتبطًا بعوامل بروتوكولية، من بينها اللقاء الأخير الذي جمع شي بالرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في بكين، وأيضًا زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ضيف الشرف في القمة، والذي سيُقام على شرفه غداء رسمي، وهو ما قد لا يرغب شي أن يبدو كأنه أقل منه بروتوكوليًا. شي فوّض رئيس الوزراء لي تشيانغ لتمثيل الصين في القمة.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الغائب الآخر، سيشارك عبر الفيديو، في ظل استمرار مذكرة التوقيف الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية.
كما تشمل قائمة المتغيبين الرئيس الإيراني المنتخب حديثًا، مسعود بزشكيان، بعد حرب دامت 12 يومًا مع إسرائيل شاركت فيها الولايات المتحدة، إضافة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بحسب مصدر حكومي برازيلي.
فيما تحاول البرازيل تحقيق إنجاز دبلوماسي يضعها في موقع دولي أكبر، إذ ستستضيف خلال العام الجاري ثلاث قمم كبرى: قمة العشرين، قمة بريكس، وقمة المناخ "كوب 30"، تسبق انتخابات رئاسية يُتوقع أن يخوضها الرئيس لولا دا سيلفا.
وعلى صعيد القضايا الإقليمية، لا يزال الانقسام واضحًا بين دول المجموعة حول كيفية التعامل مع الحرب في غزة والتصعيد الإيراني-الإسرائيلي. مصادر كشفت أن المفاوضين الإيرانيين يضغطون لصياغة موقف جماعي أكثر صرامة، بينما تفضل دول أخرى، بينها الصين، لغة معتدلة تركز على حل الدولتين والدبلوماسية.
مديرة مركز سياسات بريكس في جامعة ريو، مارتا فرنانديز، أوضحت أن الصين تتبنى موقفًا حذرًا بسبب مفاوضاتها التجارية الجارية مع واشنطن، مضيفة أن "هذا ليس الوقت المناسب لزيادة التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم".
ورغم ذلك، يؤكد وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا أن دول المجموعة كانت دومًا قادرة على التحدث بصوت واحد بشأن القضايا الكبرى، معربًا عن أمله في تحقيق توافق بشأن ملفات الشرق الأوسط.
إلى جانب قضايا السياسة والتجارة، تناقش القمة ملف الذكاء الاصطناعي، وإصلاح المؤسسات الدولية، في ظل انضمام أعضاء جدد مثل السعودية والإمارات ومصر وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران، ما يمنح المجموعة ثقلاً ديموغرافيًا وجيوسياسيًا أكبر، لكنه يجعل الإجماع أكثر تعقيدًا.