اكتشف أسباب تأخر إعلان وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل

توقفت محادثات وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل وسط تبادل الاتهامات بين الجانبين حول المسؤولية عن التعطيل. ففي الوقت الذي استبعد فيه قيادي بارز في حماس قرب التوصل لاتفاق، اتهمت إسرائيل الحركة بالتمسك بمواقف "تعوق عمل الوسطاء"، فيما ردّت حماس بأن المطالب الإسرائيلية هي التي تجهض جهود التهدئة. المفاوضات التي تجري في العاصمة القطرية الدوحة منذ أسبوع لم تسفر عن نتائج ملموسة حتى الآن، مع بروز خلافات رئيسية حول انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة.
خرائط الانسحاب: النقطة الأكثر اشتعالاً
النزاع الأبرز في جولات التفاوض الأخيرة تمحور حول ما عُرف بـ"خرائط الانسحاب"، إذ سلّمت إسرائيل للوسطاء رسالة تفيد بإنشاء منطقة عازلة بعمق يتراوح بين كيلومتر واحد إلى 1.5 كيلومتر داخل قطاع غزة. غير أن خريطة لاحقة قدمتها إسرائيل أظهرت مناطق أوسع بكثير تصل إلى 3 كيلومترات، وتشمل مدينة رفح كاملة، وأجزاء من بيت لاهيا وبيت حانون، وأحياء شرقية في غزة. ورفضت حماس هذه الخرائط بشدة، معتبرة أنها تُعيد احتلال قرابة 40 في المئة من القطاع، وتحوّل غزة إلى كانتونات معزولة دون معابر أو حرية حركة.
جدل حول توزيع المساعدات و"المؤسسة الإنسانية"
جانب آخر من الخلافات يتمثل في آلية توزيع المساعدات الإنسانية. بينما تطالب حماس بتوزيعها عبر وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، تفضل إسرائيل مؤسسة "غزة الإنسانية" المدعومة من تل أبيب وواشنطن، والتي تثير الكثير من الجدل والانتقادات. ويصرّ وفد حماس على رفض أي دور لهذه المؤسسة، متهماً إسرائيل باستخدام المساعدات كوسيلة ضغط لفرض سيطرتها على القطاع. رغم بعض التقدم المحدود وفقًا للوسطاء، فإن التباين العميق لا يزال يعيق الوصول إلى اتفاق نهائي.
الميدان يشتعل: عشرات القتلى في غارات متواصلة
على الأرض، تتزايد الكلفة الإنسانية مع استمرار الضربات الجوية الإسرائيلية التي أوقعت خلال يوم السبت فقط أكثر من 38 قتيلاً، بينهم أطفال ونساء. مستشفى ناصر في خان يونس استقبل عشرات الجثامين، بعضها تمزق تحت الأنقاض. كما وثّقت وكالات أنباء سقوط 24 قتيلاً قرب موقع لتوزيع مساعدات، واتهم شهود عيان القوات الإسرائيلية بإطلاق النار على مدنيين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، في حادث وصفه مسعفون بأنه "إعدام بدم بارد".
انتقادات متصاعدة واستمرار الخلافات حول إنهاء الحرب
في ظل هذه المعطيات، يزداد الضغط على الحكومة الإسرائيلية داخلياً، حيث خرجت تظاهرات في تل أبيب تطالب بإبرام صفقة تضمن الإفراج عن الرهائن. وفي المقابل، ترفض إسرائيل إنهاء الحرب قبل إطلاق جميع الرهائن وتفكيك بنية حماس، فيما تطالب الحركة بوقف شامل للعمليات قبل أي خطوات إضافية. مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أكد مقتل نحو 798 شخصاً منذ بدء نظام المساعدات الجديد، محذراً من انتهاكات لمبادئ العمل الإنساني في القطاع المحاصر.
خلاصة المشهد
الوضع في غزة لا يزال عالقًا بين تعنت سياسي وتصعيد عسكري، فيما يدفع المدنيون ثمن تعثر الحلول. ومع كل جولة تفاوض تبوء بالفشل، تتقلص فرص التهدئة، وتتعاظم المخاوف من انفجار أكبر قد يجر المنطقة إلى مزيد من الفوضى والدماء.