المشهد اليمني

التاريخ يُستبدل بالعقيدة .. طمس ”ملوك الحضارة” من العملة الحوثية واستبدالهم بالمساجد

الثلاثاء 15 يوليو 2025 10:41 مـ 20 محرّم 1447 هـ
العملة الحوثية والقديمة
العملة الحوثية والقديمة

في خطوة جديدة تندرج ضمن ما يصفه مراقبون بمحاولة "إعادة تشكيل الهوية الثقافية لليمن"، أقدمت جماعة الحوثي على إزالة صورة ثاني ملك يمني قديم من الورقة النقدية فئة مائتي ريال التي أصدرها البنك المركزي اليمني في صنعاء والذي يسيطر عليه جماعة الحوثي حيث تم رسم الوجه الأمامي عليها ( مسجد الجند التاريخي ) مع كتابة مسجد الجند ـ تعز وفي الأسفل ( البنك المركزي اليمني ) باللغة العربية في أعلى وسط الورقة , و الوجه الخلفي رسم عليه معلم ( ميناء المعلا ـ عدن ) في توجه واضح لإحلال ما تسميه بـ"الثقافة الإيمانية" محل الهوية التاريخية اليمنية الضاربة في القدم.

واطّلع "المشهد اليمني"، اليوم الثلاثاء، على نموذج من العملة الجديدة التي طبعتها الجماعة بشكل غير قانوني، والتي أزالت منها صورة التمثال الشهير الذي يُجسّد أحد ملوك مملكة قتبان القديمة، وهي إحدى الممالك اليمنية الجنوبية التي ازدهرت في جنوب الجزيرة العربية، وكان يُعرف التمثال بـ"ملك قتبان".

ويُعد هذا التمثال البرونزي، المكتشف في موقع تمنع الأثري بمحافظة شبوة، أحد أبرز الرموز الحضارية اليمنية، ويعكس الفن السبئي القديم، من خلال ملامحه الملكية، ونقوشه، وزيّه التقليدي. وقد كانت فئة الـ200 ريال تحتفي به كرمز للسيادة اليمنية والتاريخ العريق للدولة.

كما شملت تغييرات الحوثيين ، بحسب مصادر مصرفية، العملة من فئة 50 ريالًا، والتي أُزيحت منها صورة "تمثال معد يكرب"، أحد ملوك اليمن القديم، والذي كان يُعتبر رمزًا لممالك سبأ وذي ريدان، في دلالة جديدة على رفض الجماعة الاعتراف بتاريخ اليمن ما قبل قدوم الإمام الهادي إلى صعدة في القرن الثالث الهجري.

وفي توجه أوسع لطمس الرموز الوطنية، أزالت الجماعة أيضًا صورة مدينة شبام التاريخية في حضرموت، والتي كانت تُطبع على الوجه الخلفي لبعض الفئات النقدية، وتُعرف عالميًا بلقب "مانهاتن الصحراء"، لما تحمله من طراز عمراني فريد يُعد جزءًا من التراث الإنساني العالمي.

وبرّرت الجماعة هذه التعديلات ضمن ما تسميه "الثقافة الإيمانية"، في إطار استبدال الرموز التي تصفها بـ"الوثنية"، كما ورد في خطابات سابقة لمؤسس الجماعة، حسين بدر الدين الحوثي، والذي وصف تماثيل الملوك اليمنيين القدامى بـ"الأصنام"، واعتبر وضعها على العملة نوعًا من "تمجيد العصر الجاهلي"، في إشارة إلى الحضارات اليمنية ما قبل الإسلام.

وبالمقابل، قامت جماعة الحوثي بإحلال صورة مسجد العيدروس على فئة الـ200 ريال الجديدة، وهو أحد أقدم المساجد في مدينة عدن، ويُنسب إلى الإمام الصوفي أبو بكر العيدروس العدني، الذي تنتمي سلالته إلى آل البيت، وتعتبره الجماعة امتدادًا لما تسميه بـ"الولاية".

ويرى مراقبون أن هذا التغيير لا يعكس مجرد تعديل في التصاميم النقدية، بل يُعبّر عن توجّه أيديولوجي يسعى لإعادة صياغة الهوية الوطنية، من خلال طمس رموز التاريخ اليمني القديم، التي لا تنسجم مع المرجعية الدينية والسياسية للجماعة، وإحلال رموز دينية ذات صلة بالنسب الهاشمي والانتماء المذهبي الخاص بالجماعة.

ويُثير هذا التحريف في رمزية العملة اليمنية قلقًا متزايدًا لدى الباحثين والمؤرخين، الذين يرون فيه انحرافًا خطيرًا عن الطابع الجامع للهوية اليمنية، ومحاولة لاستبداله بهوية مذهبية ضيقة لا تمثل كافة أطياف الشعب اليمني، بل تُهدد النسيج الوطني وتُعمّق الانقسام الثقافي والسياسي في البلاد.

الكلمات المفتاحية المقترحة :

الحوثيون - العملة اليمنية - ملك قتبان - ملوك اليمن القديم - تمثال معد يكرب - تمثال قتبان - طمس الهوية - مسجد العيدروس - عدن - صعدة - تماثيل اليمن - تاريخ اليمن - الثقافة الإيمانية - تغيير العملة - الحضارة اليمنية - سبأ - قتبان - شبوة - شبام - حضرموت - الأثار اليمنية - الحوثي - التزوير النقدي - التلاعب بالهوية