ذمار: فوضى استنزاف المياه الجوفية تهدد الأمن الزراعي والبيئي وسط تقاعس أمني مريب

تشهد مناطق واسعة من مديرية ميفعة عنس بمحافظة ذمار، حالة من الفوضى غير المسبوقة في استنزاف المياه الجوفية، حيث يعاني المزارعون والسكان المحليون من انتشار ظاهرة سحب كميات هائلة من المياه الجوفية بشكل عشوائي ودون رقابة، مما أدى إلى جفاف آبار زراعية كانت تُعد مصدر رزق أساسيًا للعديد من الأسر في المنطقة.
وحسب شكاوى متكررة من أهالي قرى "المحنشة"، "مخدرة المصري"، و"هكر"، فإن عددًا كبيرًا من أصحاب الوايتات والقواطر يقومون يوميًا باستغلال آبار مياه جوفية لسحب مياه بشكل مكثف، دون توقف، لبيعها لاحقًا في السوق السوداء بأسعار مرتفعة تصل إلى 50 ألف ريال يمني للقاطرة، و30 ألف ريال للوايت، في ظل غياب تام للرقابة وانعدام أي دور من قبل الجهات المعنية.
ويؤكد المزارعون أن هذا الاستنزاف المفرط أدى إلى انخفاض منسوب المياه في الآبار الزراعية، وصولًا إلى جفاف عدد منها، ما أثر بشكل مباشر على المساحات الزراعية التي يعتمد عليها السكان في معيشتهم، وسط مخاوف من تفاقم الأوضاع في المستقبل القريب، إذا لم يتم التصدي لهذه الظاهرة والحد منها.
وأشار الأهالي إلى أنهم تقدموا بعِدة بلاغات رسمية إلى منتحل منصب مدير أمن مديرية ميفعة عنس، يطالبون فيها بضرورة التحرك لضبط أصحاب الآبار المخالفة ومنعهم من الاستمرار في استنزاف الموارد المائية.
إلا أن تلك الشكاوى لم تلقَ أي استجابة فعلية، رغم توقف مؤقت لبعض المخالفين إثر تدخل سابق من منتحل منصب مدير المديرية الشيخ عبدالله الجراشي.
ومع عودة أصحاب الوايتات والقواطر إلى ممارسة نشاطهم مجددًا وبأعداد أكبر، يؤكد السكان أن غياب الرقابة الأمنية وغياب دور الدوريات الأمنية يُعد تواطؤًا صامتًا مع من يهددون الأمن المائي للمجتمع المحلي، ويزيد من معاناة الفئات الأكثر احتياجًا، خاصة المزارعين الذين يعتمدون على المياه الجوفية في سبل عيشهم.
وفي ظل استمرار الوضع على ما هو عليه، ناشد أهالي مديرية ميفعة عنس، وعلى رأسهم المزارعون المتضررون، منتحل منصب مدير أمن محافظة ذمار بالتدخل الفوري والسريع لوقف هذه الفوضى، واتخاذ إجراءات حازمة وصارمة بحق من يستغلون الموارد الطبيعية الخاصة بالمنطقة لحسابات شخصية، محذرين من أن استمرار التهاون في هذا الملف يهدد مستقبل الزراعة والبيئة والحياة بشكل عام في المديرية.
ويطالب الأهالي بضرورة وضع آلية رقابية صارمة لإدارة الموارد المائية، وفرض عقوبات رادعة على من يخالف القوانين المتعلقة بالاستخدام غير المشروع للمياه، بما يضمن الحفاظ على هذا المورد الحيوي للأجيال الحالية والمقبلة.