المشهد اليمني

صحفي يمني يُطلق وصفًا صادمًا على أوضاع عدن: ”الخدمات ليست سوى موت مؤجل وتعذيب ممنهج”

الأربعاء 23 يوليو 2025 12:00 صـ 28 محرّم 1447 هـ
عدن
عدن

في منشورٍ لاذع كشف فيه عن معاناة المواطنين اليومية في العاصمة عدن، وصف الصحفي اليمني مروان نبيل الواقع الخدمي والمعيشي في المدينة بـ"الموت المؤجل"، مؤكدًا أن ما يُسمى بـ"الخدمات الأساسية" في عدن لم يعد مجرد نقص أو تقصير، بل أصبح أداة منظمة للقمع اليومي والمعاناة الممتدة.

وأطلق نبيل، في تدوينة نشرها على حسابه في فيسبوك تحت وسم #موت_مؤجل ، صرخة تعبيرية حادة تناقلها الآلاف، قال فيها إن ما يتلقاه سكان عدن من كهرباء وماء وديزل واتصالات لا يمكن وصفه بأي مفهوم للخدمة، بل هو "نسخة معاصرة من التعذيب الروماني القديم"، حيث يُبقي الإنسان على قيد الحياة، لكن دون كرامة، ودون راحة، ودون أمل حقيقي.

وأوضح أن الكهرباء التي تصل إلى المنازل لساعة واحدة ثم تختفي لأكثر من عشر ساعات، والماء الذي يأتي "كأنه صدقة من السماء"، والديزل الذي "لا يظهر إلا في نشرات الأخبار"، كلها ليست نتاج عجز إداري، بل جزء من "سياسة ممنهجة" تهدف إلى إبقاء المواطن في حالة من التوتر والتعب المستمر.

"هم لا يتركونك تموت. لا يطلقون عليك رصاصة الرحمة. فقط يتركونك تتنفس بشق الأنفاس، لتشم رائحة النفايات، وتعيش على ضوء شمعة وقلق دائم. فلا أنت حيّ بما يكفي لتفرح، ولا ميت بما يكفي لترتاح"، كتب نبيل بلهجة درامية حادة، ليعكس واقعًا معاشًا يوميًا يعيشه مئات الآلاف في المدينة.

وأضاف أن هذه المعاناة ليست نتيجة الفشل أو التقصير العادي، بل هي "خطة مدروسة" تُدار بعناية لترويض الناس عبر الألم، مشيرًا إلى أن السلطة لا تسعى إلى تحسين الحياة، ولا حتى إلى إنهاء المعاناة برحمة، بل تُبقي السكان في حالة "تعليق بين الحياة والموت"، كي تُستخدم معاناتهم لاحقًا كأداة دعاية في التقارير الدولية.

"هم لا يريدونك أن تنعم بحياة كريمة، ولا أن تموت بكرامة. فقط يريدونك أن تبقى معلقًا، مريضًا لا يُشفى، وجائعًا لا يموت، لأنهم بحاجة إليك كأداة دعاية في تقارير المنظمات: انظروا، نحن نحاول"، قال نبيل، في إشارة إلى ما وصفه بـ"تجارة رئتيك ودمعتك وقهوتك الباردة التي تشربها في الظلام".

كما سخِر الصحفي من ما وصفه بـ"الاستعراض الإعلامي" الذي يُقدَّم أحيانًا لتحسين الصورة، موضحًا أن "الجهات المسؤولة لا تمد يدها لتسحبك من الغرق، بل تطيل خيط الأمل فقط كي تقول للعالم: انظروا، لقد أنقذناه".

وأكد نبيل أن ما يحدث في عدن ليس نتيجة "سوء إدارة" أو "فساد فردي"، بل هو "تخطيط مركزي"، مضيفًا:

"هذا ليس فشلًا، هذا تخطيط. وهذا ليس عجزًا، هذه سياسة. وأنت، يا من لا تزال تحاول أن تفهم، افهم فقط أنهم لا يريدونك أن تفهم… فقط أن تتألم بصمت."

التدوينة أثارت ردود فعل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل آلاف المغردين مع الوسم #موت_مؤجل، معبرين عن تضامنهم مع وصف نبيل، ومؤكدين أن ما وصفه ليس مبالغة، بل "تقريرًا واقعيًا" يعكس حقيقة الحياة اليومية في عدن، حيث تُقاس ساعات الكهرباء بالدقائق، وتنعدم المياه الصالحة للشرب، وتتفاقم أزمة النفايات، فيما تبقى خطط "الإنقاذ" حبرًا على ورق.

وأصبح منشور نبيل مادة للنقاش الواسع حول المسؤولية السياسية والخدمية في الجنوب اليمني، وسط دعوات متزايدة من النشطاء والمواطنين لإعادة هيكلة المؤسسات الخدمية، ومحاسبة الجهات التي تُدير ما وصفوه بـ"اقتصاد المعاناة".

في الوقت نفسه، يبقى سؤال نبيل حاضرًا في أذهان المتابعين:

"متى يتحول هذا الموت المؤجل إلى حياة حقيقية؟ أم أن الصمت هو الجزاء الوحيد الذي يستحقه الشعب؟"