”كأنهم من بلد آخر!” – بروفيسور يمني يكشف عن مدرسة احتكرت منح الابتعاث لسنوات

في تصريحات صادمة كشف البروفسور اليمني البارز، الدكتور أيوب الحمادي، المقيم في ألمانيا، عن واقع مقلق في نظام منح التبادل الثقافي والابتعاث الخارجي من اليمن، مُشيرًا إلى أن ثانوية تعز الكبرى كانت المدرسة التي احتكرت، لسنوات طويلة، فرصة السفر والدراسة في الخارج، على حساب باقي المدارس في مختلف محافظات الجمهورية.
جاء ذلك خلال حديث مطول للدكتور الحمادي، الذي يُعد من أبرز الكفاءات اليمنية في أوروبا، حيث تحدث بشفافية عن تجربته الشخصية كطالب يمني تم ابتعاثه إلى ألمانيا ضمن برنامج التبادل الثقافي، مُبرزًا الفجوة الكبيرة في التمثيل بين المدارس اليمنية المختلفة.
وقال الحمادي: "لقد كنت ضمن دفعة من 26 طالبًا وطالبة تم اختيارهم للدراسة في ألمانيا، وعند وصولنا إلى ألمانيا فوجئنا بأن 7 من زملائنا هم من ثانوية تعز الكبرى وحدها، في حين جاء البقية من مختلف المحافظات اليمنية، كل محافظة بطالب أو طالبتين على الأكثر".
وأضاف مُستدركًا: "المفارقة الأكبر أن ثانوية تعز الكبرى حصلت على 7 مقاعد من منحة ألمانيا وحدها، فكيف كان الحال مع الدول الأخرى مثل الولايات المتحدة، وفرنسا، والصين، وكندا، واليابان؟ ما نسبتهم من الكوادر التي تم ابتعاثها إلى هذه الدول؟".
وأشار الحمادي إلى أن الكثافة الطلابية من ثانوية تعز الكبرى في برامج الابتعاث تُظهر تفاوتًا غير مبرر في توزيع الفرص، موضحًا أنه كان طالبًا في مدرسة ابن ماجد بصنعاء، وكان هو الطالب الوحيد الذي تم اختياره من مدرسته، بينما كانت ثانوية تعز الكبرى تُمثل كتلة متجانسة من المبتعثين.
وفي لحظة تأمل صادقة، قال الحمادي: "وللحق، كان طلاب ثانوية تعز الكبرى يتمتعون بمستوى متميز من التحضير، وهم أكثر انفتاحًا وثقة، وكأنهم يعرفون الطريق إلى الابتعاث مسبقًا، أو تم تجهيزهم بشكل خاص. كان شعورًا كأنهم من بلد مختلف، بينما نحن بقية أبناء الجمهورية كنا نكتشف كل شيء لأول مرة".
وأكد البروفسور الحمادي أن هذه الظاهرة تُشير إلى وجود خلل بنيوي في نظام اختيار المبتعثين، قد يكون ناتجًا عن تركز الموارد، أو تحيز جغرافي، أو شبكة علاقات تُعطي أولوية لمدرسة واحدة دون غيرها، في ظل غياب معايير شفافة وعادلة لتوزيع الفرص التعليمية المماثلة.
وأشار إلى أن هذا الاحتكار لا يُعد مجرد إجحاف في حق طلاب المدارس الأخرى، بل يُمثل خسارة وطنية، حيث تُهدر كفاءات واعدة من مختلف أنحاء اليمن، بينما تُركّز الإمكانيات على جزء ضيق من المجتمع.
وفي ختام حديثه، أكد الدكتور أيوب الحمادي أن مستقبل اليمن يكمن في الاستثمار في التعليم، قائلاً: "أكبر استثمار يمكن أن نقوم به من أجل يمنٍ أفضل هو التعليم، التعليم، والتعليم. لكن هذا الاستثمار يجب أن يكون عادلًا، شفافًا، وشاملًا لكل أبناء الوطن، دون تمييز أو احتكار".
وطالب الحمادي الجهات المعنية في الدولة، والمنظمات الدولية الداعمة للتعليم، بإعادة النظر في آليات اختيار المبتعثين، وضمان تكافؤ الفرص بين جميع المدارس اليمنية، بما يعزز العدالة الاجتماعية، ويفتح الباب أمام الكفاءات من كل المحافظات للإسهام في بناء مستقبل اليمن.