”قرحة القات” تدخل على خط الصراع المالي: مسؤول يفضح تلاعب الصرافين ويتوعد ”هائل”!

أثار مدير عام الإعلام في البنك المركزي اليمني بعدن، أحمد بافقيه، جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والسياسية، بعد أن انتقد بلهجة حادة ما وصفها بـ"التحذيرات المبالغ فيها" الصادرة عن بعض الأكاديميين الاقتصاديين، بشأن التعافي النسبي للعملة الوطنية (الريال اليمني)، متوعداً في الوقت ذاته أكبر كيان تجاري في البلاد بردٍ صريح وحاسم يأتي "من داخل الدولة العميقة".
وأكد بافقيه، في منشورٍ نشره عبر صفحته على فيسبوك ورصده "المشهد اليمني"، أنه يتابع "باهتمام بالغ" التطورات الاقتصادية الأخيرة، خصوصاً التراجع التدريجي لسعر صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني، والذي تزامن مع بوادر تعافٍ في قيمة العملة المحلية، بعد سنوات من التدهور الحاد جرّاء الحرب والانقسامات المؤسسية.
وقال بافقيه: "أتبع كثيراً من ردود الأفعال حول ما يحدث هذه الأيام من نزول في سعر الصرف وتعافي قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، إضافة إلى المتابعات العملية لانخفاض أسعار المواد الغذائية والمستلزمات الأساسية"، مشيداً بما وصفه بـ"الإجراءات الفاعلة" التي تتخذها الجهات المختصة لتحسين الوضع النقدي والاقتصادي في البلاد.
لكنّه أبدى استغرابه من "موقف بعض الأساتذة الأكاديميين في الاقتصاد، الذين يسارعون إلى إطلاق التحذيرات من خطورة هذا النزول، واصفين إياه بأنه غير مدروس أو مُسرّع"، مضيفاً: "أتفق معهم من حيث المنهجية النظرية، فالكتب والدراسات الاقتصادية تُحذّر فعلاً من التقلبات السريعة في أسعار الصرف، لكن مع الأخذ بعين الاعتبار نقطة الانطلاق ومكانة العملة وقت حدوث التغير".
وأشار بافقيه إلى تناقض في المواقف، قائلاً: "ما لم أسمعه من هؤلاء الأكاديميين هو تحذيرٌ مماثل من الصعود اليومي الدراماتيكي لسعر الصرف، خصوصاً في ساعات متأخرة من الليل، تلك الساعات التي يُعرف عنها بـ(قرحة القات)، حيث تشهد السوق تلاعباً واضحاً من قبل بعض الصرافين، يؤدي إلى ارتفاعات مفاجئة وغير مبررة في سعر الدولار خلال ساعات قليلة".
وتساءل بافقيه بلهجة انتقادية: "على أي أساس يعتمد هذا الأكاديمي تحذيره؟ ولماذا يُشكّك في جهود الدولة وينصح الناس بعدم الوثوق بالإجراءات التي تُتخذ لرعاية الصحة النقدية والاقتصادية للبلاد؟"، معتبراً أن مثل هذه التصريحات قد تُربك الأسواق وتشكل عبئاً على جهود الاستقرار الاقتصادي.
وفي تطور لافت، انتقل بافقيه من نقده للجانب الأكاديمي إلى مهاجمة أكبر كيان اقتصادي تجاري في اليمن، ألا وهو "مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاءه"، وذلك رداً على بيان سابق صدر عن المجموعة، برّرت فيه تأخرها في خفض أسعار منتجاتها رغم التعافي النسبي للريال.
وقال بافقيه: "أما بيان كبرى بيوت المال والأعمال (بيت هائل) المناهضة لما يحدث، فلها منشور خاص سأكتبه من داخل (الدولة العميقة)"، في إشارة مثيرة تُفهم منها نية كشف ملفات أو استخدام أدوات ضغط مؤسسية ضد الكيان التجاري، ما أثار تكهنات واسعة حول طبيعة هذا "الرد" وما إذا كان سيتخذ أشكالاً تنظيمية أو رقابية أو حتى سياسية.
ويُنظر إلى تصريحات بافقيه على أنها انعكاس لتوتر متصاعد بين المؤسسات الاقتصادية الرسمية في عدن، من جهة، والقطاع الخاص الكبير، من جهة أخرى، في ظل صراع على إدارة الأزمة الاقتصادية، وتحديد من يتحمل مسؤولية تثبيت الأسعار ودعم العملة.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تبذل فيه الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف جهوداً لاستعادة الثقة في الريال اليمني، عبر سياسات نقدية تشمل ضخ سيولة بالعملة المحلية، وضبط سوق الصرف، وفرض رقابة على المصارف والصرافين، في محاولة لوقف التدهور المستمر منذ سنوات.
ويُنتظر أن تُنعكس تصريحات بافقيه على الساحة الاقتصادية، لا سيما مع تلميحه إلى استخدام أدوات غير تقليدية للرد على ما اعتبره "ممانعة" من قبل كبرى الشركات التجارية، في خطوة قد تفتح باب الجدل حول العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص في ظل غياب مؤسسات رقابية مستقلة وفعالة.