المشهد اليمني

خبير عسكري يُحذّر من ”سقوط أخلاقي” في صنعاء: هل نحن أمام انهيار دولة أم مجتمع؟

الجمعة 8 أغسطس 2025 01:12 صـ 14 صفر 1447 هـ
حوثيون بصنعاء
حوثيون بصنعاء

في تصعيد لافت يعكس حالة الاحتقان السياسي والثقافي التي تعيشها الساحة اليمنية، أطلق العميد الركن محمد عبدالله الكميم، أحد أبرز الأصوات العسكرية الوطنية المُعارضة لجماعة الحوثي، هجومًا حادًا على الوضع الراهن في العاصمة صنعاء، واصفًا ما يجري هناك بـ"الانهيار الحضاري والمعياري"، في أقوى تعبير عن رفضه لما وصفه بسيطرة "نكرات بلا مشروع أو تاريخ" على مقدرات الدولة.

وفي تغريدة نارية نشرها عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، قال الكميم:
"ما قبل سقوط صنعاء، كانت اليمن تمتلئ برجال الدولة، وزعماء القبائل، ونجوم الفكر والسياسة، أما اليوم، فقد ملأ الفراغ صغار القوم، وأصوات الجهل، وصارت أبواق الكراهية هي من تتصدر المشهد."

وأضاف الكميم، في سياق تحليله للتحولات العميقة التي شهدتها العاصمة اليمنية منذ سيطرة جماعة الحوثي عليها في أواخر 2014، أن صنعاء التي كانت يومًا رمزًا للهوية الوطنية، ومحط أنظار المثقفين والسياسيين، باتت اليوم "رهينة مشروع طائفي ضيق، يُدار بعقلية تدميرية، لا تُبالي بالماضي العريق ولا بالمستقبل المنشود".

وأعرب الكميم عن استغرابه من صعود شخصيات وصفها بـ"الهشة" إلى الواجهة الإعلامية والسياسية في صنعاء، مشيرًا إلى أسماء مثل محمد العماد، وموسى المومري، وحسين الأملحي، وعبدالسلام جحاف، قائلًا:
"هؤلاء لا يمثلون اليمن، ولا يفقهون شيئًا من قضاياه، ولا يحملون من الخبرة أو الحكمة ما يؤهلهم لقيادة نقاش وطني، ناهيك عن إدارة دولة."

وأبدى الكميم أسفه الشديد من مشهد يُضطر فيه شخصيات وطنية بارزة مثل صادق أمين أبو رأس، أحد أبرز القيادات السياسية والعسكرية في اليمن، إلى الرد على ما وصفه بـ"إسفاف مهرّج مثل محمد العماد"، مؤكدًا أن "هذه قمة المأساة السياسية والثقافية التي بلغناها، حين يضطر العقلاء إلى هدر طاقتهم في الرد على من لا يستحق حتى النظر."

وأكد الكميم أن ما يحدث في صنعاء اليوم لا يمكن تقييمه على أنه مجرد "انقلاب سياسي"، بل هو "سقوط أخلاقي شامل، وتحطيم متعمد لما تبقى من هيبة الدولة، وانهيار للقيم، وتراجع صارخ في مستوى الخطاب العام."
وأشار إلى أن "صوت المثقفين، والأحرار، والخبراء، بات مخنوقًا تحت وطأة جلبة الأبواق، والذباب الإلكتروني، ودعاة التحريض، الذين حوّلوا العاصمة إلى ساحة صراع فكري مقيت، لا مكان فيه للعقل ولا للحوار."

وأكد الكميم أن هذا التحول الخطير لا يمس فقط الشكل السياسي للدولة، بل يهدد النسيج الاجتماعي والثقافي للشعب اليمني، داعيًا إلى وقفة وطنية جادة لاستعادة مسار الدولة، وحماية الهوية الوطنية من التزييف والتشويه.

وفي ختام تغريدته، وجه الكميم رسالة أمل إلى الشعب اليمني، قال فيها:
"نؤمن أن ليل النكرات لن يطول، وأن شمس الجمهورية ستعود، وأن هذا الوطن لا يُهزم، حتى وإن خذله بعض أبنائه، واستُبيح من قبل أراذل القوم. فاليمن أكبر من أن تُختزل بضجيج الحاقدين، وأعظم من أن تُساق من قبل عديمي الرؤية."

وقد لاقى موقف الكميم تفاعلاً واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أشاد به ناشطون ومثقفون يمنيون، معتبرين إياه صوتًا صادقًا يعكس معاناة شريحة واسعة من الوطنيين الذين يرون في صنعاء المحتلة صورة مقلوبة تمامًا عن مكانتها التاريخية والسياسية.

ويُعد الكميم من أبرز القيادات العسكرية التي انشقت عن النظام السابق وانحازت للثورة والجمهورية، ويُنظر إليه كواحد من أبرز الأصوات الوطنية التي ترفض المشروع الحوثي، وتدعو إلى استعادة الدولة المدنية الحديثة، وتحقيق العدالة والوحدة الوطنية.