المشهد اليمني

”هل هو يهودي؟! فيديو صادم يُظهر رجلًا من صعدة يشبه عبدالملك الحوثي تمامًا ويكشف أسرارًا مخفية”

الإثنين 11 أغسطس 2025 12:04 صـ 17 صفر 1447 هـ
شبيه الحوثي
شبيه الحوثي

أثار مقطع فيديو قديم ونادر، يُظهر رجلًا يهوديًا من منطقة ساقين بمحافظة صعدة شمال اليمن، موجةً من الجدل الواسع على منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما بعد إعادة نشره على منصة "إكس" (تويتر سابقًا) من قبل صحفيين وناشطين يمنيين وعرب. ويُظهر المقطع، الذي يعود لعقود مضت، رجلًا يهوديًا يتحدث باللهجة الصعديّة، ويحمل ملامحَ وجسمًا ونبرة صوت تشبه بشكل مذهل زعيم جماعة الحوثي، عبد الملك الحوثي، ما أشعل سلسلة من التساؤلات والاستفزازات حول الهوية والانتماء، وفتح الباب أمام تكهنات حول طبيعة الجذور العرقية والدينية للحركة الحوثية.

وسرعان ما تحوّل الفيديو من مجرد لقطة أرشيفية إلى قضية رأي عام، حيث تناقله آلاف المستخدمين مع تعليقات تراوحت بين السخرية والجدال الجاد، وتساءل كثيرون: "هل هذا مجرد تشابه عرضي؟ أم أن هناك أصولًا مخفية وراء ظهور قيادة دينية وسياسية في صعدة تدّعي النسب الهاشمي وتتبنى خطابًا مضادًا لإسرائيل، بينما تُظهر الصور والوقائع تشابهًا صادمًا مع شخصية يهودية محلية؟".

وتصاعد الجدل إلى حد دعوات من بعض المعلقين إلى إجراء اختبار "DNA" على عائلة الحوثي، للكشف عن "الحقيقة المخفية" وراء هذا التشابه الذي وصفه آخرون بأنه "مريب جدًا". وذهب البعض إلى أبعد من ذلك، متحدثًا عن "مشروع توراتي إيراني سري" يُدار من صعدة، مركز الحركة الحوثية، مدعومًا من طهران، ويُستخدم فيه الدين كغطاء لتنفيذ أجندات خفية تخدم مصالح جيوسياسية معقدة.

الماضي يعيد نفسه: من "بساط الريح" إلى التسهيلات الحديثة

ولم يقتصر الجدل على التشابه الجسدي، بل امتد ليشمل سلسلة من الوقائع التاريخية والجديدة التي تُعيد طرح تساؤلات حول علاقة صعدة، كمنطقة ومركز إمامي، باليهودية والتوجهات الصهيونية. ففي عام 1949، نفذت الوكالة اليهودية ما عُرف بـ"عملية بساط الريح"، وهي حملة سرية لتهجير نحو 49 ألف يهودي يمني إلى فلسطين، بتنسيق مباشر مع نظام الإمام يحيى حميد الدين، الذي كان يحكم اليمن آنذاك. وتم تنفيذ الرحلات عبر مطار عدن، بدعم لوجستي من الاستخبارات البريطانية والأمريكية، في إطار ما وصفه مراقبون بـ"خطة استعمارية دينية" لإنشاء كيان يهودي في فلسطين بدعم من الجاليات اليهودية حول العالم.

وهذا التاريخ لا يزال حيًا في الذاكرة اليمنية، لكن الجديد الذي أثار الصدمة في السنوات الأخيرة هو تقارير إعلامية وسياسية كشفت عن استمرار عمليات سرية لتهجير يهود من اليمن، حتى في ظل سيطرة جماعة الحوثي. ففي مارس 2016، كشفت وسائل إعلام دولية عن عملية سرية نُقل خلالها عدد من اليهود من مناطق سيطرة الحوثيين إلى إسرائيل، بتنسيق مباشر مع أجهزة استخباراتية إسرائيلية ودول عربية، في صفقة لم تُفصح تفاصيلها كاملة.

وفي يونيو 2025، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بتسهيل الحوثيين خروج سيدة يهودية مسنة من صنعاء إلى إسرائيل، في إطار ما وُصف بـ"صفقة أوسع" تتضمن دعمًا ماليًا وتقنيًا من جماعات دينية يهودية في الولايات المتحدة وأوروبا، ورجال أعمال إسرائيليين، مقابل ضمانات أمنية وربما مكاسب مادية غير معلنة.

مخطوطات توراتية تُهرب من صعدة إلى تل أبيب

وأضافت التقارير الحديثة بُعدًا جديدًا للجدل، بإشارة إلى قيام جهات مجهولة بتهريب مخطوطات توراتية نادرة يعود تاريخها إلى أكثر من 500 عام من مناطق سيطرة الحوثيين، خصوصًا من صعدة وصنعاء، إلى إسرائيل. وتشير مصادر يهودية إلى أن هذه المخطوطات، التي تُعتبر كنوزًا دينية وتاريخية، تم نقلها عبر طرق غير رسمية، وربما بتنسيق مع جهات محلية داخل اليمن، مقابل مبالغ مالية كبيرة أو امتيازات غير معلنة.

وقد أثار هذا التسريب مخاوف من أن الحوثيين، أو جهات مرتبطة بهم، قد يكونون متورطين في صفقات سرية تُستخدم فيها التراث الديني والثقافي كوسيلة للتمويل أو التفاوض، في ظل حالة الانهيار الاقتصادي وشح الموارد.

ردود فعل وتحذيرات: هل نحن أمام "أسطورة الإمامة" أم "أسطورة النسب"؟

في المقابل، سارعت جهات موالية للحوثيين إلى نفي أي صلة بين الجماعة والأنشطة المرتبطة باليهود أو إسرائيل، ووصفت الادعاءات بأنها "حملة تشويه إعلامية" تهدف إلى تقويض المشروع الحوثي وتشكيك شرعيته الدينية. واعتبرت بعض المصادر أن الحديث عن تشابه ملامح هو "هراء فكري" ولا يستند إلى أي أساس علمي أو تاريخي.

لكن مراقبين يرون أن هذه الحادثة، رغم بساطتها الظاهرية، تفتح الباب على مصراعيه أمام إعادة قراءة جذرية لأسئلة الهوية والانتماء في اليمن، خصوصًا في ظل استغلال الخطاب الديني والقبلي لبناء شرعيات سياسية، قد تكون أحيانًا مبنية على أكاذيب تاريخية أو تزوير في النسب.

ويرى الباحث في الشأن اليمني، الدكتور سامي الكحلاني، أن "ما يحدث اليوم ليس مجرد جدل حول مقطع فيديو، بل هو انعكاس لانهيار الثقة في الروايات الرسمية، وبحث الناس عن حقائق مخفية وراء الكواليس. وإذا لم تُعالج هذه الملفات بشفافية، فإنها ستعود ككرة ثلج تهدد بتفكيك الروايات التي قامت عليها حركات سياسية ودينية في اليمن".

الخلاصة: صورة تُثير ألف سؤال

ما بدأ كمقطع فيديو قديم، تحول إلى عاصفة من التساؤلات حول التاريخ، والهوية، والانتماء، والسياسة. ففي ظل غياب الشفافية وسُدّ الأبواب أمام التحقيق المستقل، يبقى السؤال الأكبر معلقًا في الهواء: هل نحن أمام مجرد تشابه عابر؟ أم أن هناك خيوطًا أعمق تربط بين صعدة، كمركز للإمامة، وشبكات دينية وسياسية عابرة للحدود، تُدار في الخفاء؟

ومع تصاعد الجدل، يبقى الفيديو النادر شاهدًا صامتًا على تعقيدات التاريخ اليمني، وربما مفتاحًا لفهم تناقضات لا تزال تشكّل واقع البلاد اليوم.