”موجة صدمة في قطاع الصحة بتعز: قرار حاسم يُلزم المستشفيات بأسعار جديدة فورًا – هل سيُخفف العبء عن كاهل المرضى؟”

في خطوة استباقية تُعدّ من أبرز القرارات التنظيمية في قطاع الرعاية الصحية خلال العام الجاري، أصدرت السلطة المحلية في محافظة تعز، اليوم، توجيهات رسمية لمكتب الصحة العامة والسكان بفرض التزام صارم بتطبيق تسعيرات جديدة للخدمات الطبية في جميع المستشفيات والمراكز الصحية، الخاصة والحكومية على حد سواء، في خطوة تهدف إلى حماية المستهلك من التضخم المتسارع في أسعار الخدمات الصحية.
وجاء القرار، استجابة مباشرة لطلب رسمي مُقدم من جمعية حماية المستهلك في تعز، التي رفعت تحذيرات متكررة خلال الأسابيع الماضية حول "ارتفاع جنوني" في تكاليف الكشف الطبي، والتحاليل، والعمليات الجراحية، خاصة في ظل انهيار سعر صرف الريال اليمني، والذي فقد أكثر من 70% من قيمته خلال السنتين الماضيتين وفق تقارير اقتصادية حديثة.
القرار: بين الحماية والرقابة المشددة
نص القرار، الذي بدأ تعميمه على جميع المنشآت الصحية، على وجوب الالتزام بالتسعيرة الموحدة التي تم مراجعتها بالتوافق مع واقع السوق وسعر الصرف السائد، مع منع أي زيادة تعسفية أو فرض رسوم إضافية دون تبرير. كما نص على إلزام المنشآت الصحية بعرض الأسعار بشكل واضح في أماكن ظاهرة، تيسيرًا على المرضى وتمكينهم من المعرفة التامة بحقوقهم.
وأكد مصدر مسؤول في السلطة المحلية – فضل عدم الكشف عن اسمه – أن "هذا القرار ليس ترفيهًا إداريًا، بل ضرورة اقتصادية واجتماعية حتمية"، مشيرًا إلى أن "الصحة حق دستوري، ولا يمكن أن تُترك للسوق الحرة تتحكم في قراراتها دون رقابة، خاصة في ظل معاناة المواطنين من تضخم متسارع وتدهور الوضع المعيشي".
ضغوط شعبية تُجبر الجهات الرسمية على التحرك
تأتي هذه الخطوة بعد حملة واسعة أطلقتها جمعية حماية المستهلك في تعز، شملت دراسات ميدانية كشفت أن أسعار الكشف الطبي في بعض العيادات الخاصة ارتفعت بنسبة تجاوزت 150% خلال 6 أشهر فقط، بينما تضاعفت تكلفة التحاليل الطبية من 5000 ريال إلى أكثر من 15,000 ريال في بعض المختبرات الكبرى.
وفي تصريح له أكد أحمد القملي، رئيس جمعية حماية المستهلك في تعز:
"لقد وصلتنا مئات الشكاوى من مرضى لا يستطيعون تحمل تكاليف بسيطة للعلاج، بينما تُفرض عليهم رسوم خيالية. اليوم، نرحب بهذا القرار، لكننا نطالب بآليات تنفيذ فعالة ورقابة مستمرة، لأن الورق لا يكفي، بل نريد تغييرًا ملموسًا على أرض الواقع."
التحدي الأكبر: التنفيذ والرقابة
رغم الحماسة التي أثارها القرار بين شرائح واسعة من المواطنين، يبقى التنفيذ الفعلي هو التحدي الأكبر. إذ يُخشى من أن بعض المنشآت الصحية قد تلجأ إلى أساليب غير مباشرة لرفع التكاليف، مثل تقليص الخدمات أو فرض "حزم" إضافية مدفوعة.
وقد كلفت السلطة المحلية لجنة مشتركة من مكتب الصحة، وجمعية حماية المستهلك، ووحدة الرقابة الإدارية، برصد أي مخالفات، واتخاذ إجراءات رادعة تصل إلى إغلاق المنشأة المخالفة وفرض غرامات مالية تصل إلى عشرات الآلاف من الريالات.