المشهد اليمني

تفكيك سلاح حزب الله .. نهاية كابوس الحوثيين والحشد الشعبي يقترب

الأربعاء 13 أغسطس 2025 08:28 مـ 19 صفر 1447 هـ
سلاح حزب الله
سلاح حزب الله

منذ تأسيسه في ثمانينيات القرن الماضي، شكّل حزب الله اللبناني العمود الفقري للمشروع الإقليمي الإيراني، المعروف إعلاميًا بـ"محور المقاومة". تجاوز الحزب حدود دوره التقليدي في الصراع مع إسرائيل، ليتحوّل إلى مركز إقليمي لتنسيق وإدارة الأذرع المسلحة الموالية لطهران في العراق وسوريا واليمن.
وأي خطوة جادة نحو نزع سلاح الحزب لا تعد مجرد قرار داخلي لبناني، بل زلزال استراتيجي يضرب قلب هذا المحور ويعيد رسم توازنات القوى في المنطقة.


التحالف العابر للحدود بين الحوثيين وحزب الله

بالنسبة للحوثيين في اليمن، يمثل حزب الله شريان حياة حيويًا، يوفر الدعم العسكري والتقني والإعلامي.
من بيروت، أُديرت برامج تدريب قيادات وعناصر حوثية على القتال والتكتيكات الحديثة، ونُقلت خبرات في تصنيع الصواريخ والطائرات المسيّرة، إضافة إلى بناء منظومة إعلامية تحاكي خطاب الحزب وأسلوبه التعبوي.
لذلك، فإن تقليص قدرات حزب الله العسكرية يعني للحوثيين فقدان أحد أهم منابع القوة التي مكنتهم من الصمود والتمدد.


الحشد الشعبي… التجربة المُلهمة والنموذج المكرر

في العراق، ينظر الحشد الشعبي إلى حزب الله بوصفه نموذجًا مُلهِمًا وتجربة ناجحة في الجمع بين القوة العسكرية والنفوذ السياسي.
الحزب لعب دورًا محوريًا في تدريب كوادر الحشد وتزويدهم بخبرات في التسليح والعمليات الميدانية، فضلًا عن نقل أسلوب الحرب الإعلامية.
أي مسعى لتفكيك قوة حزب الله سيكون رسالة مباشرة لهذه الفصائل بأن الغطاء الإيراني يمكن أن يهتز، وأن الوجود المسلح خارج سلطة الدولة ليس مضمونًا إلى الأبد.


شبكة الإمداد الإقليمية… العمود الخفي للقوة

نزع سلاح حزب الله لا يعني فقط سحب أسلحته أو تقييد ترسانته الصاروخية، بل يستهدف تفكيك شبكة إمداد واتصال واسعة تربط إيران بسوريا ولبنان والعراق واليمن.
تشمل هذه الشبكة مسارات تهريب عبر البر والبحر والجو، وتبادل الخبراء والمستشارين، والتنسيق العملياتي المشترك.
سقوط الحلقة اللبنانية في هذه الشبكة سيؤدي إلى عزل الحوثيين والحشد الشعبي عن أهم مصادر الدعم الخارجي.


الرسالة السياسية… لا سلاح خارج سلطة الدولة

الجانب السياسي من هذه الخطوة لا يقل أهمية عن البعد العسكري، إذ يبعث برسالة واضحة مفادها أن نموذج “الدولة داخل الدولة” الذي عاشه لبنان لعقود يمكن إنهاؤه.
هذا يثير قلق الحوثيين، الذين يدركون أن نجاح هذا السيناريو في لبنان قد يمهد الطريق لتطبيقه في اليمن، عبر ضغوط محلية أو تدخلات إقليمية ودولية تهدف لإنهاء هيمنتهم المسلحة.


تحليل استراتيجي: تداعيات محتملة على اليمن والعراق

في اليمن، يعتمد الحوثيون على قنوات دعم مرتبطة مباشرة بالحزب، تشمل التدريب ونقل التكنولوجيا العسكرية. انهيار دور الحزب سيجعلهم أكثر عزلة، ويجبرهم على البحث عن بدائل أقل فاعلية وأكثر تكلفة، ما قد يضعف قدرتهم على تطوير أسلحة نوعية أو شن عمليات بعيدة المدى.
أما في العراق، فإن تحجيم دور الحزب سيؤثر على قدرة الحشد الشعبي على التنسيق مع طهران، لكون الحزب يشكل حلقة الوصل الميدانية التي تترجم الاستراتيجية الإيرانية إلى خطط تنفيذية. غياب هذا الدور سيبطئ القرار ويحد من مرونة الفصائل ميدانيًا.

على الصعيد الإقليمي، سيكون نزع سلاح الحزب اختبارًا لقدرة المجتمع الدولي على فرض نموذج "حصر السلاح بيد الدولة" في بؤر النزاع، مما قد يشجع على إعادة تطبيقه في ساحات أخرى مثل اليمن والعراق.

الخلاصة… إعادة رسم الخريطة الأمنية للشرق الأوسط

إن أي تحرك جاد لنزع سلاح حزب الله لن يبقى محصورًا في لبنان، بل سيعيد رسم الخريطة الأمنية للشرق الأوسط.
في ظل هذا السيناريو، سيجد الحوثيون والحشد الشعبي أنفسهم أمام واقع جديد، يفتقرون فيه إلى الحماية الإقليمية والسند الاستراتيجي، وهو ما قد يغيّر شكل الصراع في المنطقة لعقود قادمة.