رصاصة في الهواء.. ودماء على الأرض: مشهد مرعب يهزّ إب – من المسؤول عن إطلاق النار على المتسوقين؟

في واقعة تُعدّ واحدة من أبشع مظاهر الانفلات الأمني في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، اجتاح الرعب سوق "الظهار" الشعبي في مدينة إب، الثلاثاء الماضي، بعد أن تحول إلى ساحة إطلاق نار عشوائي، راح ضحيته أربعة مدنيين، بينهم شاب ومهندس، في مشهد يُعيد طرح تساؤلات خطيرة حول سيطرة الجماعة على الأوضاع الأمنية في واحدة من أهم المدن اليمنية.
الواقعة، التي وقعت وسط زحام كثيف من المتسوقين، كشفت عن عمق الأزمة الأمنية التي تعيشها إب، حيث بات المواطنون يدفعون ثمن صراعات مسلحة لا ناقة لهم بها ولا جمل.
تفاصيل الحادث: عملية اعتقال تتحول إلى كارثة إنسانية
اندلعت اشتباكات مسلّحة مفاجئة وسط سوق "الظهار"، أحد أكثر الأسواق ازدحامًا في إب، بعد محاولة عناصر مسلّحة تابعة للحوثيين اعتقال مسلّح يُعرف باسم "عمر الوصابي"، وفق شهود عيان تحدثوا لوسائل إعلام محلية.
لكن ما كان يُفترض أن تكون عملية أمنية محدودة تحول فجأة إلى تبادل كثيف لإطلاق النار داخل السوق، الذي كان يعجّ بالمئات من المتسوقين الذين توافدوا لشراء "القات" في نهاية اليوم.
"كأننا في حرب حقيقية"، هكذا وصف أحد الباعة، الذي فرّ مسرعًا وسط سقوط الرصاص على الأرض وتحطّم الزجاج. وأضاف: "لم يُحترم أي شيء، لا سيارات، لا بسطات، لا أطفال. كل شيء كان هدفًا للنار العشوائية."
ضحايا من بين المارة: بينهم مهندس وشاب في مقتبل العمر
أسفر تبادل النار عن إصابة أربعة مدنيين بجروح متفاوتة الخطورة، بينهم:
- المهندس عبدالرحمن العميسي، الذي كان في طريقه إلى منزله بعد انتهاء دوامه.
- الشاب فيصل أبلان، في العقد الثالث من عمره، طالب جامعي كان يشتري القات مع أصدقائه.
- مدنيان آخران نقلا في حالة حرجة إلى مستشفى الجمهوري ومستشفى الثورة، حيث ما زالا يرقدان تحت المراقبة.
ووفق مصادر طبية، فإن إصابة أحدهم بالغة الخطورة، وتخشى الأسرة من تدهور حالته خلال الساعات القادمة.
غضب شعبي واسع: "هل أصبحنا أهدافًا؟"
الحادثة أثارت موجة غضب عارمة بين سكان إب، الذين اعتبروها دليلًا جديدًا على استهتار الحوثيين بأرواح المدنيين، وتحويل المدينة إلى ساحة صراعات داخلية وتصفية حسابات.
"كيف تُنفذ عملية مداهمة في سوق مكتظ بالنساء والأطفال والشباب؟!"، سأل أحد المواطنين في حديث متلفز، مضيفًا: "هل يعتقدون أننا وقود للرصاص؟"
وأشار ناشطون محليون إلى أن هذه ليست الحادثة الأولى من نوعها، بل تأتي ضمن سلسلة انفلاتات أمنية متكررة، شملت اشتباكات بين عناصر حوثية متنازعة، وعمليات اغتيال، وانتشار ظاهرة السلاح الفوضوي في الشوارع.
إب: من "مدينة السلام" إلى "ساحة فوضى"؟
كانت إب تُعرف تاريخيًا بـ"مدينة السلام"، لكن وقوعها تحت سيطرة الحوثيين منذ سنوات، حوّلها تدريجيًا إلى بؤرة للفوضى الأمنية، وفق تقارير حقوقية.
وتشير إحصائيات غير رسمية إلى أن أكثر من 47 حادثة إطلاق نار عشوائي تم تسجيلها في شوارع إب خلال العامين الماضيين، نتج عنها مقتل وجرح العشرات من المدنيين، غالبًا في أماكن عامة.