المشهد اليمني

”القبائل تتدخل حيث تفشل الدولة.. تفاصيل وساطة أنقذت مأرب من كارثة أكبر”

الخميس 21 أغسطس 2025 12:05 صـ 27 صفر 1447 هـ
تعبيرية
تعبيرية

في مشهد يعكس قوة التقاليد القبلية في نسيج المجتمع اليمني، تمكنت وساطة قبلية واسعة من وقف مواجهات دموية بين قبيلتين في محافظة مأرب، بعد ليلة حافلة بالاشتباكات العنيفة أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، وتسببت بأضرار مادية جسيمة في مخيمات النازحين ومنشآت تجارية حيوية.

وسط ترقب شعبي ورسمي، تُركّز الأنظار الآن على مفاوضات الصلح التي قد ترسم مصير الاستقرار في إحدى أكثر المناطق حساسية في شرق اليمن.

حيث كشفت مصادر قبلية مطلعة في محافظة مأرب، اليوم الأربعاء، عن دخول وساطة قبلية كبرى إلى خط المواجهة مباشرة بين قبيلتي آل حتيك وآل فجيح من مديرية عبيدة في مديرية الوادي، حيث نجحت في وقف إطلاق النار بعد ساعات من الاشتباكات العنيفة التي اندلعت مساء الثلاثاء.

وأفادت المصادر أن المواجهات اندلعت على خلفية قضية ثأر قبلي متراكمة، تضاف إليها نزاعات على ملكية الأراضي، وهي القضايا التي غالباً ما تُفجّر التوترات في مناطق النفوذ القبلي، خصوصاً في ظل غياب آليات قانونية فاعلة لحل الخصومات.

وأسفرت الاشتباكات، التي استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة والمتوسطة، عن مقتل شخصين على الأقل — أحدهما من آل حتيك والآخر من آل فجيح — إضافة إلى إصابة عدد من المدنيين، بعضهم في حالة حرجة، حسب مصادر طبية محلية.

الأمر الأكثر إثارة للقلق، بحسب ما أفادت به منظمات إغاثية، هو الضرر الكبير الذي لحق بمخيمات النازحين القريبة من منطقة المواجهات، حيث تم تدمير عدد من الخيام وتضررت شبكات المياه والكهرباء. كما تعرضت منشآت تجارية وصناعية صغيرة مجاورة للقصف العرضي، ما أثار مخاوف من تفاقم الأوضاع الإنسانية في منطقة تعاني أصلاً من تدفق آلاف النازحين جراء الحرب المستمرة منذ سنوات.

الوساطة: قبائل تُعيد للسلام صوته

في خطوة لافتة، تدخلت لجنة وساطة قبلية موسعة ضمت شخصيات قبليّة بارزة من مختلف مناطق مأرب، إضافة إلى وُكلاء عن قبائل يمنية أخرى، في إشارة إلى حجم الخطورة التي تم تقييمها من قبل النسيج القبلي العام.

وأكد أحد أعضاء الوساطة، رفض الكشف عن اسمه، أن "اللجان عملت لساعات متواصلة تحت وطأة الرصاص، ووصلت إلى الصفوف الأمامية للطرفين، وتمكنت من إقناع المقاتلين بوقف إطلاق النار بناءً على المصلحة العليا للقبيلة والمجتمع".

وأضاف: "الدم لا يُستدرك، لكن الصلح يُعلي شأن الجميع. اليوم، نحن نبحث ليس فقط عن وقف النار، بل عن بناء جسر من العفو يدوم لأجيال".

وتُواصل الوساطة جهودها حالياً لعقد مصالحة شاملة تُنهي الخصومة التاريخية بين القبيلتين، تشمل تعويضات مالية، وضمانات أمنية، وحضور رسمي وشعبي واسع، في مسعى لتجنيب المنطقة تكرار كارثة مماثلة.