الكبد الدهني.. تهديد صامت لصحة القلب: دراسة تكشف العلاقة بين MASLD وقصور القلب

يُعد مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD)، المعروف حاليًا باسم مرض الكبد الدهني المرتبط بالخلل الأيضي (MASLD)، من أسرع الأمراض المزمنة انتشارًا عالميًا، وتشير الإحصاءات إلى أن هذا المرض يؤثر على حوالي 30.2% من سكان العالم، بينما تتجاوز معدلات الإصابة في بعض المناطق مثل الأمريكتين وجنوب شرق آسيا نسبة 40%، وفقًا لتقرير نشره موقع Times of India.
ورغم ارتباط المرض غالبًا بمشكلات الكبد، إلا أن الدراسات الحديثة تُحذر من أنه قد يكون عامل خطر كبير لأمراض القلب، خاصة قصور القلب، حتى لدى غير المصابين بأمراض مزمنة مثل السكري أو السمنة.
ما هو MASLD (الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي)؟
MASLD هو الاسم الجديد لمرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD)، ويحدث نتيجة تراكم الدهون في الكبد دون وجود استهلاك مفرط للكحول. ويرتبط بعوامل أيضية مثل:
السمنة
ارتفاع ضغط الدم
داء السكري من النوع الثاني
اضطراب الكوليسترول
ويشمل المرض طيفًا من الحالات يبدأ من تراكم بسيط للدهون (NAFL)، وصولًا إلى الالتهابات الشديدة (NASH)، وتليّف الكبد، وحتى سرطان الكبد في الحالات المتقدمة.
الكبد الدهني... خطر صامت على القلب
على الرغم من اعتبار MASLD مرضًا كبديًا في المقام الأول، إلا أن أمراض القلب هي السبب الرئيسي للوفاة بين المصابين به، بحسب تحذيرات جمعية القلب الأمريكية. فغالبًا ما يتم تجاهل هذه العلاقة في الممارسات السريرية، رغم أن تأثير المرض يمتد إلى الأوعية الدموية وعضلة القلب بشكل مباشر.
دراسة رائدة: MASLD يزيد خطر الإصابة بقصور القلب
في دراسة طويلة الأمد قادها باحثون من جامعة ديوك، تم تتبع 570 مريضًا يعانون من MASLD المؤكدة عبر خزعة الكبد – المعيار الذهبي للتشخيص – على مدار 11 عامًا. وجاءت النتائج كالتالي:
17.9% من المرضى أصيبوا بقصور في القلب.
48% أظهروا علامات قلبية لم تُشخّص سريريًا.
ارتفع الخطر بين النساء، كبار السن، ومرضى السكري.
وتُعد هذه أول دراسة تربط بشكل مباشر بين MASLD وقصور القلب استنادًا إلى نتائج خزعة الكبد.
MASLD وقصور القلب: تشارك في عوامل الخطر والتأثير
تشير أبحاث متعددة إلى أن MASLD وقصور القلب يشتركان في عوامل خطر رئيسية مثل:
السمنة
مقاومة الإنسولين
الالتهاب المزمن
الإجهاد التأكسدي
اضطراب بطانة الأوعية الدموية
وقد يُسبب MASLD تغيرات في بنية القلب تؤدي إلى صعوبة استرخاء عضلته، وهو ما يُعرف بـ HFpEF (قصور القلب مع وظيفة انقباضية محفوظة).
تضاعف معدلات الوفاة... والنساء الأكثر تأثرًا
تكشف الإحصاءات في الولايات المتحدة أن الوفيات المرتبطة بقصور القلب بين المصابين بـ MASLD تضاعفت خلال العقدين الماضيين، مع نسب مرتفعة بين:
النساء
المجموعات العرقية في المناطق الريفية والجنوبية
كما أظهرت بيانات من البنك الحيوي البريطاني أن مرضى MASLD أكثر عرضة للوفاة نتيجة أمراض القلب والأوعية الدموية، حتى لو لم يكونوا من شاربي الكحول.
لماذا يُؤثر الكبد الدهني على صحة القلب؟
تشير الدراسات إلى أن تراكم الدهون في الكبد يؤدي إلى:
التهاب مزمن
مقاومة الإنسولين
اضطراب التمثيل الغذائي
خلل في بطانة الأوعية الدموية
تراكم الدهون في الدم
كل هذه العوامل تُجهد القلب وتُزيد من احتمال الإصابة بتصلب الشرايين، اعتلال عضلة القلب، واضطراب نظم القلب.
أهمية الكشف المبكر والعلاج المشترك
لا يجب اعتبار MASLD مجرد مشكلة في الكبد. فقد يكون مؤشرًا أوليًا على ضعف في القلب. ويُوصي الأطباء بضرورة الكشف المبكر عن MASLD ومراقبة صحة القلب لدى المصابين به.
كما تُشير الإرشادات السريرية الحديثة إلى أن بعض الأدوية مثل:
مثبطات SGLT-2
مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE)
حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين (ARBs)
قد تكون فعّالة في علاج الحالتين معًا، مع تقليل الالتهاب وتحسين نتائج المرضى.
MASLD لم يعد مجرد مرض كبدي. إنه تهديد حقيقي لصحة القلب، يستوجب التعامل معه كحالة مزمنة متعددة الأعضاء، الكشف المبكر، والتشخيص الدقيق، والعلاج المشترك يمكن أن يُحدثوا فارقًا حقيقيًا في حياة المرضى.