”مدينة تعز تُختنق من دون متنفس.. مسبح التعاون يجف وسط صمت مطبق – من سيُنقذ فرحة الأطفال؟”

في ظل حصارٍ ممتد لأكثر من تسع سنوات، وظروف إنسانية بالغة القسوة، يعيش سكان مدينة تعز جانباً آخر من المعاناة لا يقل إيلاماً عن الجوع أو القصف: فقدان أبسط مقومات الحياة الكريمة، ومنها الحق في الترفيه والراحة النفسية. فمنذ أكثر من شهرين، تحول مسبح منتزه التعاون – المتنفس الوحيد لأكثر من 600 ألف نسمة – إلى بركة جافة بلا ماء، ورمزٍ صامت على تدهور البنية التحتية وغياب الرعاية الحكومية.
حيث أصبح منتزه التعاون، الذي يُعد أحد أبرز المعالم الترفيهية في مدينة تعز، شبه مهجور بعد جفاف كامل لمسبحه الرئيسي، في مشهد أثار استياءً واسعاً بين الأهالي وسط دعوات متزايدة للسلطات المحلية والجهات المختصة للتدخل العاجل.
وأكد عدد من المرتادين، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن المسبح أُغلق فعلياً أمام الزوار منذ منتصف شهر مايو الماضي، نتيجة توقف ضخ المياه بشكل كامل، ما جعله غير صالح للاستخدام، وحوله إلى حفرة جافة تهدد سلامة الأطفال الذين اعتادوا اللعب حولها.
وقال أحد المواطنين، ويدعى أحمد الحبيشي، وهو أب لثلاثة أطفال:
"كنا ننتظر العطلة الصيفية بفارغ الصبر لزيارة المسبح، لكن ما وجدناه كان صادماً. المياه جفت، الأحواض مغطاة بالغبار، ولا يوجد أي مساعٍ لإصلاح الوضع. هل بقي شيء لم يُحرم منه أبناء تعز؟"
وأضاف: "في ظل انعدام المساحات الخضراء، والحدائق العامة، ومراكز اللعب، أصبح هذا المسبح شريان حياة للأسر. إغلاقه لا يعني فقدان مكان للسباحة فقط، بل فقدان لحظات فرح في مدينة تئن من الحصار والدمار."
مطالب جماهيرية وتحذير من تفاقم الأزمة:
وقد تصاعدت المطالبات من قبل نشطاء مجتمعيين وأهالي المدينة، بضرورة تدخل سريع من قبل السلطة المحلية في تعز، بالتعاون مع مكتب الشباب والرياضة، لإعادة تأهيل المسبح وصيانة مضخات المياه وشبكات التوزيع، التي تعاني من تقادم وانقطاعات متكررة.
وأشار مراقبون إلى أن منتزه التعاون، رغم بساطته، يُعد من أبرز المواقع التي تستقطب الأسر خلال العطل الرسمية والصيفية، خاصة في ظل غياب بدائل حقيقية للترفيه. وبحسب إحصائية غير رسمية، كان المسبح يستقبل ما يقارب 300 زائر أسبوعياً في مواسم الذروة، قبل أن يتوقف نشاطه.
وأكد ناشطون في مجال الشباب والرياضة أن استمرار إغلاق المسبح ليس فقط خسارة ترفيهية، بل يُعد "انتهاكاً غير مباشر لحقوق الطفل في اللعب والحركة"، وفقاً للمواثيق الدولية التي تكفلها اتفاقية حقوق الطفل.