المشهد اليمني

”جاء يطلب بطانية... فرُمِيَ بالرصاص!” – جريمة صادمة تهز النازحين في الحديدة

الإثنين 1 سبتمبر 2025 11:01 مـ 9 ربيع أول 1447 هـ
نازحون في اليمن
نازحون في اليمن

في مشهد يدمي القلوب ويُنذر بانهيار أخلاقي في مناطق الأزمات، لقى مواطن نازح حتفه برصاص مباشر أمام عينَي المئات، بينما كان يحاول فقط الحصول على "بطانية" لعائلته الصغيرة المتجمدة في برد الشتاء. هذه ليست قصة من فيلم درامي، بل واقع مرير عاشه أهالي مديرية الزهرة في محافظة الحديدة، حيث تحول توزيع المساعدات الإنسانية إلى ساحة دم، وسط صمت مطبق من الجهات المختصة.

ففي صباح الفاتح من سبتمبر، توجه المواطن عيسى محمد هيجان عضابي، نازح من مديرية حرض، إلى منطقة دير راجح بمديرية الزهرة، بحثًا عن المساعدات الشتوية التي تُوزع للنازحين.

كان يحمل في جيبه أملًا بسيطًا: أن يعود إلى عائلته بصندوق يحتوي على فرش وبطانيات تُدفئ ابنتيه الصغيرتين، اللتين لا تتجاوز أعمارهما العاشرة.

لكن ما بدأ كخلاف بسيط حول ترتيب الاستلام، تحول في لحظات إلى كارثة إنسانية. وبحسب شهود عيان، اندلع خلاف بين الضحية وشخص يُدعى "أبو هاشم غلفان"، يُعتقد أنه محسوب على مليشيات الحوثيين، قبل أن يفاجئ الجميع بإطلاق النار بشكل مباشر على عيسى من سلاحه الشخصي.

الرصاص لم يُخطئ هدفه:
أصابت عدة طلقات الضحية في الوجه، الصدر، البطن، والأطراف، ما أدى إلى وفاته على الفور. كما أُصيب عدد من الأشخاص الآخرين بجروح متفاوتة، بينهم نساء وأطفال، مما زاد من حالة الهلع والذعر في المكان.

ووفقًا لمصادر محلية، لاذ الجاني بالفرار على متن طقم عسكري، في إشارة إلى إمكانية حصوله على حماية أو تواطؤ من عناصر مسلحة، بينما لم تُسجَّل أي تحركات فورية من قبل الأجهزة الأمنية للقبض عليه أو فتح تحقيق جدي.

الضحايا: نازحون بلا حماية ولا كرامة
عيسى عضابي لم يكن مجرد رقم في إحصائية النزوح. كان رجلًا يعمل بأي وسيلة ليعيل أسرته، زوجته وابنتيه، في ظل وضع إنساني متدهور. لا يملك سلاحًا، ولا خلفية أمنية، بل كان من أولئك الملايين الذين فقدوا كل شيء بسبب الحرب، ويتقاسمون الخيمة مع برودة الشتاء.

وفاة عيسى ليست مجرد جريمة قتل، بل رمز لانهيار المنظومة الأمنية والإنسانية في مناطق النزوح، حيث تتحول المساعدات إلى سلطة، والسلطة إلى عنف، والعنف إلى فلتان لا رادع له.

أثارت الجريمة موجة غضب واسعة بين النازحين وأهالي المنطقة، الذين خرجوا في مظاهرات مطالبة بالعدالة. واتهم كثيرون الجهات المشرفة على توزيع المساعدات، وكذلك الأجهزة الأمنية، بالتغاضي المتعمد عن مثل هذه الحوادث، مشيرين إلى أن "كل جريمة تُرتكب ضد النازح تُطوى بسرعة، بينما تُفتح ملفات ضد من يتحدثون عنها".