قمة شنغهاي تؤكد التعددية القطبية وتدعو إلى نظام دولي أكثر عدالة

اختتمت قمة منظمة شنغهاي للتعاون أعمالها في مدينة تيانجين الصينية، يوم الاثنين، بإصدار رسائل سياسية قوية ضد "عقلية الحرب الباردة" وسياسات الهيمنة الغربية، مع الدعوة إلى إصلاح الحوكمة العالمية وبناء نظام دولي أكثر عدلاً وتوازناً، يعكس واقع التعددية القطبية والتعاون العابر للقارات.
وشارك في القمة قادة أكثر من 20 دولة، إلى جانب رؤساء 10 منظمات دولية، في أكبر تجمع سياسي للمنظمة منذ تأسيسها عام 2001، ما يعكس تصاعد أهمية منظمة شنغهاي كقوة دولية صاعدة.
مبادرة صينية جديدة للحوكمة العالمية
في كلمة لافتة، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة جديدة للحوكمة العالمية، هي الرابعة من نوعها بعد مبادرات "التنمية العالمية" و"الأمن العالمي" و"الحضارة العالمية".
وتقوم المبادرة على خمسة مبادئ أساسية:
-
احترام مبدأ السيادة والمساواة بين الدول
-
الالتزام بالقانون الدولي
-
دعم التعددية
-
التركيز على رفاهية الشعوب
-
اتخاذ إجراءات ملموسة لتحقيق التوازن في النظام العالمي
وأكد شي أن العالم يواجه تحديات متنامية، في ظل تصاعد الهيمنة والنزاعات، مشيرًا إلى أن "المرحلة الحالية هي مفترق طرق في تاريخ الحوكمة الدولية".
تعزيز التعاون المالي.. وإنشاء بنك مشترك
من أبرز نتائج القمة:
-
إطلاق خطة لإنشاء مصرف تنمية مشترك لمنظمة شنغهاي للتعاون
-
التعجيل بالمشاورات حول السياسات المالية والنقدية المشتركة
-
توسيع استخدام العملات المحلية وتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي
كما أعلن شي تقديم 2 مليار يوان منحًا مباشرة، و10 مليارات يوان قروضًا عبر الاتحاد المصرفي للمنظمة خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وتسعى هذه الخطوات إلى تعزيز السيادة المالية للدول الأعضاء، وبناء نظام مالي بديل يُخفف من تأثير العقوبات الغربية.
دعم نظام عالمي متعدد الأقطاب
القادة المشاركون أكدوا على:
-
رفض عقلية الحرب الباردة وتقسيم العالم إلى معسكرات
-
التأكيد على نظام دولي قائم على القانون الدولي ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة
-
دعم نموذج عالمي قائم على التعددية القطبية
من جانبه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن التعاون الروسي-الصيني في إطار منظمة شنغهاي "ركيزة استراتيجية" للنظام العالمي الجديد، مشيدًا بتقارب الرؤى مع الصين في رفض العقوبات الغربية.
التعاون في الطاقة والتنمية المستدامة
القمة اعتمدت:
-
خارطة طريق للتنمية المستدامة في قطاع الطاقة حتى 2030
-
بيانًا مشتركًا حول التعاون في أمن الطاقة وحمايتها
-
خطة لتطوير الطاقة المتجددة والحد من التمييز في السوق العالمية
كما تم الإعلان عن عقد اجتماع رفيع المستوى بين منظمة شنغهاي وجامعة الدول العربية حول تغير المناخ والطاقة المستدامة، في العاصمة الكازاخية أستانا، أكتوبر المقبل.
العلاقات الثنائية.. لقاءات استثنائية وتطبيع تاريخي
شهدت القمة أكثر من 20 لقاء ثنائي رفيع المستوى، أبرزها:
-
لقاء بوتين ومودي: ناقشا التعاون العسكري والطاقة، وأكدا قوة العلاقات رغم الأزمات.
-
لقاء شي ومودي: أول اجتماع منذ 7 سنوات، وتم الاتفاق على تخفيف التوترات الحدودية واستئناف الرحلات الجوية.
-
تطبيع العلاقات بين باكستان وأرمينيا: إعلان إقامة علاقات دبلوماسية لأول مرة.
إيران: لعب دور محوري ضد العقوبات
الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان شدد على ضرورة:
-
تعزيز التعاون المالي بين الدول الأعضاء
-
إنشاء صندوق مبادلة العملات
-
تقليل الاعتماد على الدولار الأميركي
-
الاستعداد لمواجهة العقوبات الغربية
وأكد استعداد طهران للعب دور محوري في تعزيز التعددية داخل المنظمة.
موقف موحد من غزة وإسرائيل
أدان البيان الختامي للقمة:
-
العدوان الإسرائيلي على غزة، واعتبره انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي
-
الضربات الإسرائيلية على إيران، وخاصة ضد المنشآت المدنية والنووية
-
وأكد أن الحل الوحيد لأزمة الشرق الأوسط هو التوصل إلى تسوية شاملة للقضية الفلسطينية.
توسيع منظمة شنغهاي.. وطلبات عضوية جديدة
أعلن بوتين أن المنظمة تدرس حالياً عشرات طلبات الانضمام بصفة مراقب أو شريك في الحوار، ما يعكس اتساع تأثيرها العالمي.
وتضم المنظمة حاليًا:
-
10 أعضاء دائمين: الصين، روسيا، الهند، باكستان، كازاخستان، قرغيزستان، طاجيكستان، أوزبكستان، إيران، بيلاروسيا.
-
دول مراقبة: أفغانستان، منغوليا.
-
14 شريكًا في الحوار من آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط.
مع تمثيلها لما يقارب نصف سكان العالم وربع الاقتصاد العالمي، باتت منظمة شنغهاي قوة صاعدة تمثل تطلعات دول الجنوب العالمي.