”انقلاب، دهس، صدام… 321 حادثًا في أغسطس! ما الذي يدفع اليمنيين إلى الموت على الطرقات؟”

في ظل حالة من التردي الأمني والخدمي، تشهد طرق المحافظات المحررة مأساة إنسانية صامتة، لكنها تتزايد بوتيرة مقلقة. فبينما ينشغل الجميع بالملفات الكبرى، تسقط عشرات الأرواح يوميًا على الطرقات بسبب حوادث سير يمكن تفاديها.
كشفت أحدث الإحصاءات الرسمية عن كارثة مرورية غير مسبوقة خلال شهر أغسطس الماضي، حيث تحولت الشوارع إلى ممرات موت، راح ضحيتها 63 مواطنًا، وأصيب أكثر من 270 آخرين، نصفهم تقريبًا بجروح بالغة.
الأرقام لا تكذب، والواقع مرير: كل 22 ساعة يفقد يمني حياته في حادث سير في مناطق ما يُعرف بـ"المناطق المحررة"، في مؤشر خطير على انهيار كامل لمنظومة السلامة المرورية، وغياب الرقابة، وضعف البنية التحتية، وانتشار السلوكيات الخطرة دون رادع.
تفاصيل كارثة المرور: إحصاءات صادمة تكشف حجم الكارثة
أصدرت الإدارة العامة للقيادة والسيطرة تقريرًا تفصيليًا حول الحوادث المرورية المسجلة في المحافظات المحررة خلال شهر أغسطس 2025، كشفت فيه عن وقوع 321 حادث سير متنوع، تم توزيعها كالتالي:
- 197 حادث صدام بين مركبات
- 82 حادث دهس مشاة – يُعد هذا النوع من أكثر الحوادث إيلامًا، خاصة مع تزايد عدد الأطفال والنساء بين الضحايا
- 28 حادث انقلاب مركبات – غالبًا ما تحدث على الطرق الفرعية غير المعبدة أو بسبب السرعة الزائدة
- 7 حوادث ارتطام بمبانٍ أو أجسام ثابتة
- 6 حوادث سقوط ركاب من على المركبات – غالبًا في وسائل النقل الجماعي غير الآمنة
وبلغت الخسائر المادية الإجمالية ما يقارب 91 مليون و856 ألفًا و400 ريال يمني، وهو رقم مهول في بلد يعاني من أزمة اقتصادية حادة، ويحتاج كل ريال لإنقاذ حياة.
أسباب الحوادث: مخالفات مرورية أم إهمال مؤسسي؟
لم تكتفِ الإدارة بالتقديم الأرقام، بل تناولت الأسباب الجذرية وراء هذه الكارثة، مشيرة إلى أن 90% من الحوادث ناتجة عن مخالفات مباشرة من السائقين ومستخدمي الطرق، أبرزها:
- تجاوز السرعة المحددة – السبب الأول في الحوادث القاتلة
- الحمولة الزائدة – خاصة في مركبات النقل العام والشاحنات
- التجاوزات الخاطئة والخطيرة – في المنعطفات أو على الطرق الضيقة
- القيادة عكس الاتجاه – ظاهرة منتشرة في المدن الكبرى مثل عدن وتعز
- الإرهاق والتعب أثناء القيادة – خاصة لدى سائقي الشاحنات الطويلة المسافات
- الإهمال في الصيانة الفنية للمركبات – إطارات متهالكة، فرامل معطلة، أنوار تالفة
- مخالفات الدراجات النارية – التي تجوب الشوارع بلا رقابة
- عدم التزام المشاة بقواعد المرور – مثل عبور الشوارع في أماكن غير مخصصة
"الحوادث ليست مصيرًا، بل نتيجة مباشرة للإهمال والتجاوز. الطريق آمن لو التزم الجميع بالقانون"
— مصدر في الإدارة العامة للقيادة والسيطرة
7,963 مخالفة تم ضبطها.. فهل هذا كافٍ؟
رغم تسجيل أكثر من 7,963 مخالفة مرورية خلال الشهر الماضي من قبل فروع شرطة السير، إلا أن النسبة لا تمثل سوى جزءًا بسيطًا من الحجم الفعلي للمخالفات، بحسب تقييمات داخلية. وتشير الإدارة إلى أن غياب الرقابة المستمرة، ونقص الكوادر، وضعف البنية التحتية للطرق يُعد من العوامل المساعدة على تفاقم الظاهرة.
كما أشار التقرير إلى أن الحوادث المتكررة في نفس المواقع – مثل منعطفات خطرة أو تقاطعات بدون إشارات – تُظهر فشلًا في التخطيط الوقائي، وتُلزم الجهات المختصة بإعادة تقييم شبكة الطرق وتحسين علاماتها.