لودر ترفضهم بالرصاص.. وأبين تستقبلهم بالدرع! ماذا يحدث للسلفيين في الجنوب؟

شهدت مدينة لودر في محافظة أبين، خلال الأيام القليلة الماضية، تصعيدًا ملحوظًا في التوترات الأمنية والسياسية، تمثل في حادثة طرد مُصحوبة بإطلاق نار ضد عدد من الخطباء المرتبطين بالشيخ السلفي يحيى الحجوري، في ظل مؤشرات على رفض شعبي أو أمني لنشاطهم الدعوي في المدينة.
ووفق مصادر محلية، تم طرد هؤلاء الخطباء من المدينة بعد أن تعرضوا لإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين، ما اضطرهم إلى مغادرة لودر بشكل عاجل، في حادثة تُعدّ تصعيدًا خطيرًا في المشهد الأمني والديني بالمنطقة.
ورغم عدم تأكيد الجهات الرسمية للواقعة، إلا أن مصادر قبلية وأمنية أكدت أن الحادث يعكس حالة رفض واضحة من قبل بعض الأطراف المحلية لتمدد النفوذ الديني المرتبط بتيار الشيخ الحجوري في المدينة، التي تشهد توازنات حساسة بين القوى السياسية والعسكرية والقبلية.
في المقابل، وفي تطور مثير يُظهر تناقضًا صارخًا في المشهد، أرسل الشيخ يحيى الحجوري، مساء أمس، دفعة من طلابه إلى مناطق متفرقة من المنطقة الوسطى في محافظة أبين، حيث قاموا بإلقاء خطب دينية أمام المصلين في عدد من المساجد، وسط حماية أمنية مشددة.
وأظهرت مقاطع فيديو مصورة انتشار أطقم ومدرعات عسكرية تابعة للواء "الحازمية" (الثالث درع الوطن) في محيط المساجد التي أُلقيت فيها الخطب، حيث تمركزت المركبات العسكرية لتأمين الحركة الدعوية للخطباء.
ولفت مراقبون إلى أن هذه الحماية تُعدّ دليلًا على التنسيق بين النشاط الديني للحجوري وقوة عسكرية فاعلة في المحافظة، ما يثير تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين المؤسسة العسكرية المحلية والتيارات الدينية.
ويُعرف اللواء "الحازمية" بأنه أحد أبرز الألوية المنضوية تحت ما يُعرف بـ"درع الوطن"، ويتمركز بشكل أساسي في أبين، وينتمي غالبية منتسبيه إلى محافظة البيضاء، فيما يُديره فعليًا قيادي شاب من محافظة ذمار، مما يعزز الانطباع بوجود شبكة نفوذ إقليمية وتنظيمية تمتد عبر محافظات الجنوب.
وقد أثار هذا التباين في التعامل مع نشاط الحجوري – من طرد بالرصاص في لودر إلى حماية عسكرية في مناطق أخرى – مخاوف من تعميق الانقسام المجتمعي، وتوسيع الفجوة بين القوى المحلية والجماعات الدينية المنظمة، خصوصًا في ظل غياب رؤية أمنية وسياسية موحدة لضبط المشهد الديني في الجنوب.
وتعكس هذه التطورات حساسية الوضع في أبين، حيث تتقاطع المصالح القبلية، والعسكرية، والدينية، في صراع خفي على النفوذ، في وقت تُبذل فيه جهود رسمية ومجتمعية لاحتواء التوتر، وتجنب انزلاق المحافظة إلى دائرة الصراعات الطائفية أو الإيديولوجية.
ولا تزال التساؤلات مفتوحة حول الجهة التي تقف خلف طرد الخطباء في لودر، وهل يمثل ذلك موقفًا شعبيًا أم قرارًا أمنيًا من جهات محلية رافضة لتمدد الحجوري؟ وفي المقابل، ما مدى شرعية استخدام القوة العسكرية لحماية نشاط ديني في مناطق حساسة؟
في ظل هذه التطورات، يُنظر إلى محافظة أبين باعتبارها ساحة صراع غير معلنة، تتقاطع فيها الأبعاد الأمنية والدينية والسياسية، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا من قبل الجهات الرسمية لفرض الدولة وضبط أي مظاهر للتوتر قد تهدد الاستقرار المجتمعي.