أول امرأة مسلمة ”على الفطرة السليمة” تتولى منصب وزيرة الداخلية في بريطانيا

"نهجي السياسي مبني على الفطرة السليمة"، بهذه العبارة اختارت شابانا محمود أن تصف توجهها بعد تعيينها وزيرة للداخلية في المملكة المتحدة، لتصبح أول امرأة مسلمة تتولى هذا المنصب في تاريخ الحكومات البريطانية.
جاء تعيين محمود ضمن سلسلة تعديلات وزارية أجراها رئيس الوزراء كير ستارمر، شملت عدداً من الحقائب الوزارية عقب استقالة عدد من الوزراء، من بينهم إيفيت كوبر التي انتقلت لتولي وزارة الخارجية، فيما أسندت حقيبة الداخلية إلى النائبة العمالية شابانا محمود، التي تصدّر اسمها محركات البحث فور الإعلان عن القرار.
وتُعد محمود من أبرز الوجوه الصاعدة في حزب العمال، حيث شغلت سابقًا منصب وزيرة العدل في حكومة الظل، وقادت حملات انتخابية مؤثرة، أبرزها حملة الحزب في دائرة باتلي وسبين عام 2021، والتي ساهمت في إنقاذ زعامة ستارمر بعد خسارة الحزب في دائرة هارتلبول.
من المحاماة إلى البرلمان ثم وزارة الداخلية
ولدت شابانا محمود عام 1980 في مدينة برمنغهام لعائلة تنحدر من ميربور في كشمير الحرة، وأمضت جزءًا من طفولتها بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية. درست القانون في كلية لينكولن بجامعة أكسفورد، وتخصصت لاحقًا في قضايا المسؤولية المهنية كمحامية.
انتُخبت نائبة عن دائرة برمنغهام ليدي وود عام 2010، لتصبح من أوائل النساء المسلمات في البرلمان البريطاني، إلى جانب ياسمين قريشي وروشانارا علي، لكنها كانت أول من حصد الأصوات اللازمة أثناء عملية الفرز، ما دفعها لوصف نفسها بأنها "أول نائبة مسلمة" في البرلمان.
وخلال مسيرتها السياسية، شغلت محمود عدة مناصب في المعارضة، منها وزيرة الظل للمالية، ومنسقة الحملات الوطنية، ووزيرة العدل في حكومة الظل، قبل أن تتولى حقيبة العدل رسميًا بعد فوز حزب العمال في انتخابات 2024.
ملفات داخلية شائكة تنتظرها
بتوليها وزارة الداخلية، تتسلم محمود ملفات حساسة تشمل إدارة الهجرة، الأمن الوطني، والإشراف على جهاز الشرطة في إنجلترا وويلز. وتواجه تحديات كبيرة أبرزها تراكم طلبات اللجوء، قضايا الترحيل، إصلاح جهاز الشرطة، والتحقيق في شبكات الاستغلال الجنسي للأطفال.
كما تعهدت باتباع نهج صارم في التعامل مع الجماعات المحظورة، ومنها "فلسطين أكشن" التي أُدرجت على قائمة الإرهاب في يوليو 2025، رغم مشاركتها سابقًا في مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين، وهو ما أثار انتقادات من بعض الجهات عقب تعيينها.
مواقفها السياسية: توازن بين المحافظة الاجتماعية والتقدم الاقتصادي
تنتمي محمود لحزب العمال، لكنها تتبنى مواقف تجمع بين المحافظة الاجتماعية والسياسات الاقتصادية التقدمية. وخلال فترة توليها وزارة العدل في حكومة الظل، دفعت بإصلاحات تهدف إلى تقليل عدد نزلاء السجون، منها برامج الإفراج المبكر، كما دافعت عن تشريعات تتعلق بحقوق الإنسان وسلامة الأحكام القضائية.
وتؤكد محمود أن خلفيتها الدينية تلعب دورًا في تشكيل قناعاتها السياسية، وتحرص على أن تكون سياساتها انعكاسًا لما تصفه بـ"الفطرة السليمة"، في إشارة إلى نهج متوازن يجمع بين الحزم والعدالة.