بريطانيا تشدد سياسات الهجرة وتتخذ قرارات ضد رعايا دول بعينها

أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية شبانة محمود عن قرار يقضي بتعليق تأشيرات دخول رعايا الدول التي ترفض استقبال مواطنيها من المهاجرين غير الشرعيين أو المجرمين الأجانب المرحلين من المملكة المتحدة، ويهدف القرار إلى تعزيز السيطرة على ملف الهجرة غير الشرعية، الذي بات يمثل تحديًا متصاعدًا أمام الحكومة البريطانية، في خطوة جديدة تعكس توجهًا أكثر صرامة من حكومة حزب العمال.
تهديد بخفض تأشيرات العمال والطلاب والزوار
أكدت وزيرة الداخلية أن لندن لن تتردد في خفض أعداد التأشيرات الممنوحة لفئات متعددة مثل العمال والطلاب والزوار، إذا لم تستجب بعض الدول لإعادة رعاياها الذين انتهت إقامتهم أو رفضت طلباتهم، وقالت شبانة محمود بلهجة حاسمة:
"سنفعل كل ما يلزم، ولسنا من النوع الذي يتباطأ في مواجهة هذه التحديات".
ورغم أن الوزيرة لم تحدد أسماء الدول المعنية بالقرار، فإن تقارير سابقة أشارت إلى أن عددًا من الدول لم تُظهر تعاونًا كافيًا في استقبال رعاياها الذين فشلت طلبات لجوئهم أو أُدينوا بجرائم داخل بريطانيا.
سياسة جديدة تتقارب مع توجهات المحافظين
صحيفة التليجراف البريطانية اعتبرت أن هذه الخطوة تمثل تقاربًا واضحًا بين سياسات حزب العمال، الذي تقوده الحكومة الحالية، وبين مواقف حزبي المحافظين و"إصلاح المملكة المتحدة"، المعروفين بتوجهاتهما الصارمة تجاه الهجرة.
كما نالت السياسة الجديدة دعم تحالف العيون الخمس الأمني، الذي يضم بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، حيث شارك وزراء داخلية الدول الأعضاء في اجتماعات بلندن لمناقشة سبل مواجهة الهجرة غير النظامية على المستوى الدولي.
أزمة المهاجرين عبر القناة الإنجليزية
يأتي هذا التشدد بعد أن سجلت بريطانيا رقمًا قياسيًا جديدًا في أعداد المهاجرين الذين عبروا القناة الإنجليزية من فرنسا، فقد تخطى العدد الإجمالي في عام 2025 حاجز 30 ألف مهاجر، من بينهم 1097 شخصًا عبروا في يوم واحد فقط، وهو الأعلى منذ أربعة أشهر.
هذه الأرقام المتصاعدة تمثل ضغطًا متزايدًا على الحكومة، خاصة مع تزايد الانتقادات الداخلية بشأن عدم القدرة على ضبط الحدود البحرية، ما جعل أزمة القناة الإنجليزية أحد أكثر الملفات سخونة على الساحة السياسية البريطانية.
محادثات مع واشنطن وتوجه لإصدار بطاقات هوية وطنية
وفي سياق متصل، أجرت وزيرة الداخلية البريطانية محادثات مع نظيرتها الأمريكية كريستي نويم، التي تمتلك خبرة في إدارة ملفات الترحيل والهجرة غير الشرعية خلال فترة إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
كما أعلنت شبانة محمود تأييدها لمقترح إصدار بطاقات هوية وطنية كوسيلة للحد من الهجرة غير الشرعية، لكنها أوضحت أن الحكومة لم تحسم بعد مسألة إلزامية هذه البطاقات.
مواقف سياسية داخلية
من جانب آخر، استبعدت وزيرة الداخلية نفسها من خوض سباق المنافسة على منصب نائب زعيم حزب العمال، الذي أصبح شاغرًا بعد استقالة أنجيلا راينر، وبهذا، تركز محمود كامل جهودها على معالجة ملف الهجرة، الذي يعد من أبرز التحديات أمام حكومة حزب العمال الجديدة.
مستقبل سياسة الهجرة في بريطانيا
يعكس القرار الأخير تحولًا استراتيجيًا في سياسة الهجرة البريطانية، التي لم تعد مقتصرة على ضبط الحدود فحسب، بل باتت تشمل أيضًا الضغط الدبلوماسي على الدول الأخرى عبر ربط التعاون في ملف إعادة المهاجرين غير الشرعيين بتسهيلات منح التأشيرات.
وبينما يرى البعض أن هذه السياسة قد تدفع الدول المستهدفة إلى التعاون بشكل أكبر، يحذر آخرون من أن الخطوة قد تضر بالعلاقات الدبلوماسية وتؤثر على مصالح طلاب وعمال يسافرون إلى بريطانيا بشكل قانوني.