المشهد اليمني

”قطرة حظ” تمحو حكومة الحوثيين وتربك الجماعة سياسيًا وأمنيًا.. ما دلالات الضربة الدموية؟

الخميس 11 سبتمبر 2025 10:52 مـ 19 ربيع أول 1447 هـ
من تشييع حكومة الحوثي بصنعاء
من تشييع حكومة الحوثي بصنعاء

اعتبر مركز للدراسات الاستراتيجية أن الضربة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت اجتماعًا لحكومة الحوثيين في صنعاء أواخر أغسطس الماضي، تمثل نقطة تحول حاسمة في مسار التصعيد بين الطرفين، بعدما انتقلت إسرائيل من استهداف البنية التحتية إلى ضرب القيادة السياسية للجماعة.

وبحسب ورقة تحليلية صادرة عن مركز المخا، فإن العملية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في 28 أغسطس 2025، تحت اسم "قطرة حظ"، أسفرت عن مقتل رئيس حكومة الحوثيين أحمد غالب الرهوي، إلى جانب عدد من الوزراء، بينهم وزراء الخارجية والإعلام والعدل والاقتصاد والزراعة والطاقة والشباب والرياضة والثقافة والشؤون الاجتماعية، فيما أُصيب آخرون بجروح متفاوتة، وتسببت الغارات في دمار واسع طال منشآت حكومية.

الورقة ربطت هذا التصعيد بسلسلة المواجهات التي بدأت في يوليو 2024، حين شرع الحوثيون في استهداف السفن والمصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر، ردًا على العمليات العسكرية في غزة. وقد ردت إسرائيل حينها بغارات على الموانئ ومحطات الكهرباء والمطارات اليمنية، إلا أن استهداف قيادات الصف الأول في حكومة الحوثيين مثّل تصعيدًا نوعيًا غير مسبوق.

وتشير الورقة إلى أن العملية العسكرية الإسرائيلية شاركت فيها 14 مقاتلة ألقت نحو 40 صاروخًا، مع إشارات إلى دور للبحرية الإسرائيلية في البحر الأحمر، ما يعكس توسعًا في الحضور العسكري الإسرائيلي في المنطقة، وفق توصيف المركز.

وترى الورقة أن الغارات هدفت إلى فرض معادلة ردع جديدة، بعد نجاح الحوثيين في استهداف الداخل الإسرائيلي بصواريخ وطائرات مسيّرة، كما أنها جاءت في سياق محاولة تقويض النفوذ الإيراني في اليمن، في ظل الضغوط المتزايدة على طهران وحلفائها في المنطقة.

وتلفت الورقة إلى أن الضربة أحدثت ارتباكًا داخليًا في صفوف الحوثيين، خاصة أنها جاءت بعد جهود استمرت أكثر من عام لتشكيل حكومة موحدة بين مكونات الجماعة وحلفائها. وبمقتل معظم الوزراء، تجد الجماعة نفسها أمام فراغ تنفيذي قد يعيدها إلى مربع التفاوض الداخلي، وربما يدفعها إلى إعادة ترتيب السلطة بشكل منفرد.

كما تشير الورقة إلى أن الحوثيين سيكونون مضطرين إلى مراجعة بروتوكولاتهم الأمنية، وزيادة حماية قياداتهم، ما يفرض عليهم أعباء إضافية على المستويين المالي والأمني. وتعتبر الورقة أن العملية كشفت عن اختراق استخباراتي عميق مكّن إسرائيل من تنفيذ ضربة دقيقة بهذا الحجم.

وتحذر الورقة من أن هذه التطورات قد تؤثر على قدرة الحوثيين في التصعيد العسكري داخليًا أو على الحدود السعودية، إذ سيتعين عليهم تخصيص موارد أكبر لإعادة تنظيم صفوفهم، في وقت تتزايد فيه النقمة الشعبية نتيجة تكرار استهداف البنية التحتية.

وفي استشرافها لمسارات المواجهة، تطرح الورقة ثلاثة سيناريوهات محتملة: الأول هو المراوحة، حيث يكتفي الحوثيون بردود محدودة للحفاظ على توازن الردع دون الانجرار إلى مواجهة مفتوحة؛ والثاني هو التهدئة، في حال توافرت تسويات إقليمية، وهو احتمال ضعيف بحسب الورقة؛ أما الثالث فهو التصعيد، عبر رد نوعي يستهدف مواقع حساسة داخل إسرائيل، ما قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من الاغتيالات الإسرائيلية لقيادات الجماعة.

وتخلص الورقة إلى أن استهداف حكومة الحوثيين لا يمثل فقط ضربة عسكرية، بل يشكل زلزالًا سياسيًا داخل الجماعة، التي باتت شبه خالية من القيادة التنفيذية. ورغم أن الحوثيين قد يسعون إلى ترميم صفوفهم، إلا أنهم سيواجهون تحديًا في موازنة الرد على إسرائيل مع تجنب الانزلاق نحو مواجهة إقليمية واسعة يصعب احتواؤها.