المشهد اليمني

”أوقفوا حفظ القرآن؟!” عناصر حوثية تغلق حلقة نسائية في ريمة؟

الجمعة 12 سبتمبر 2025 06:53 مـ 20 ربيع أول 1447 هـ
ارشيفية
ارشيفية

في قلب محافظة ريمة، حيث تنبض الأرواح بالإيمان وتُسمع أصوات الأطفال وهم يردّدون آيات البقرة منذ الصباح الباكر، حدث ما لم يتخيله أحد: فجأة، اختفت الحلقة القرآنية النسائية — ليس بسبب نقص الموارد أو تراجع الإقبال، بل بفعل خمسة أطقم عسكرية مسلحة داهمت المركز صباح الأربعاء، وأغلقته بالقوة، مُعلنةً أن “النشاط غير مرخص”. لكن السكان لا يصدقون. فكيف لمركز يُعلم بنات الله كتاب ربّ العالمين أن يُصنّف كـ”خطر أمني”؟

فمنذ أكثر من 12 عامًا، كان مركز "نور الهداية" لتحفيظ القرآن الكريم للنساء والأطفال في منطقة "الحديدة" بمدينة ريمة، ملاذًا روحيًا وتعليميًا لأكثر من 300 امرأة وفتاة، تتدفق عليهن يوميًا عشرات الطالبات من مختلف الأحياء، بعضهن يمشين على قدمين لمسافة تزيد عن 8 كيلومترات فقط ليحفظن آيات الله. كانت المعلمة الرئيسية، الحاجة فاطمة عبد الرحمن (67 عامًا)، تُلقب بـ"أم القرآن" في المحافظة، وقد حفظت القرآن كاملًا وهي في العقد السابع، ودرّست أكثر من ألف طالبة دون مقابل.

لكن في صباح الامس 11 سبتمبر، تغير كل شيء.

بحسب شهود عيان على منصات التواصل الاجتماعي، داهمت خمسة أطقم عسكرية، مُسلحين بالبنادق والدروع، المبنى الصغير المكوّن من غرفتين، وطلبوا من المعلمات والمتعلمات مغادرته فورًا. بعد دقائق، تم وضع أقفال على الأبواب، وتم تثبيت لافتة مكتوب عليها: "ممنوع التجمعات الدينية غير المرخصة — قرار أمني عاجل".

لم تُقدَّم أي وثيقة رسمية، ولا حتى رقم قرار. ولم يُسمح لأي شخص بالدخول لاسترجاع الكتب أو المصاحف التي ظلت داخل الغرفة. وقالت إحدى الطالبات، وهي فتاة تبلغ من العمر 14 عامًا، لمراسلنا:

"كنا نقرأ سورة الكهف... فجأة دخلوا، وسحبوها من أيدينا، وقالوا: 'هذا ليس مكانًا للعبادة'... كيف يكون حفظ كتاب الله 'لعبًا'؟!"

وأضافت أم محمد، إحدى الأمهات اللواتي جاؤن مع بناتهن:

"نحن لا نطلب أموالًا، ولا نريد سلطات. نحن نطلب فقط أن نُعلّم أولادنا ما علمه النبي ﷺ. هل هذا جريمة؟!"

الغضب لم يقتصر على ريمة فقط. فقد انتشرت هاشتاغات مثل #أوقفوا_إغلاق_حلقات_القرآن و#ريمة_تؤمن_بالقرآن على تويتر وفيسبوك، ووصل عدد التفاعلات إلى أكثر من 270 ألف مشاركة خلال 12 ساعة، بينما تداول نشطاء صورًا لكتب ممزقة ومصاحف مرمية على الأرض — مما أثار موجة من الاستنكار الوطني والدولي.

السؤال الذي يُربك الجميع: لماذا الآن؟ ولماذا هذه الحلقة تحديدًا؟

لا يوجد أي سجل سابق للتحقيق أو التنبيهات الأمنية ضد المركز. ولم يُقدم أي تفسير رسمي من الجهات المعنية — سواء كانت السلطة المحلية أو الأمنية. لكن المصادر المقربة من دائرة القرار تشير إلى أن هناك "ضغوطًا داخلية" لـ"حصر التعليم الديني تحت سلطة واحدة"، وهو ما يثير مخاوف من تعميم نموذج مشابه في محافظات أخرى كصنعاء وتعز وإب.

حتى الآن، لم تصدر أي تصريحات رسمية من وزارة الأوقاف ، بينما ينتظر السكان ردًا واضحًا — أو مواجهة.