المشهد اليمني

ملعب 22 مايو بعدن... رمز رياضي مُدمَّر ينتظر الإحياء وسط صمت رسمي

الجمعة 12 سبتمبر 2025 08:28 مـ 20 ربيع أول 1447 هـ
ملعب 22 مايو
ملعب 22 مايو

تداول ناشطون يمنيون على منصات التواصل الاجتماعي، أمس، صورة مأساوية تُظهر ملعب "22 مايو" في مدينة عدن، وهو يغوص في أنقاضٍ مُترامية، بعدما ناله الدمار الشامل جراء سنوات الحرب المستمرة منذ 2015. الصورة — التي انتشرت بسرعة كـ"شهادة مرئية" على واقع المدينة الرياضية — تكشف عن سقوف مهدمة، وأرضية متشققة، وأعمدة الإضاءة المقلوبة، ومقاعد المشجعين المبعثرة كالألعاب المهجورة، فيما تحيط بالملعب أشجار عشوائية تنمو بين الحجارة، وكأن الطبيعة تحاول طمس ذكريات فخرٍ رياضي كان يُعدّ من أبرز معالم الجنوب.

وكان ملعب 22 مايو، الذي افتتح عام 2010، أحد أعرق الملاعب في اليمن، وصمم وفق معايير دولية لاستضافة المنافسات الكبرى، بما فيها نهائيات بطولة كأس الخليج العربي العشرين عام 2010، التي شهدت مشاركة منتخبات خليجية رسمية، وحضورًا جماهيريًا هائلًا، ونقلًا تلفزيونيًا حيًا على مستوى المنطقة.

كما استضاف الملعب مباريات مهمة في تصفيات كأس العالم، ومباريات دوري المحترفين اليمني، ونهائيات كأس الجمهورية، ما جعله رمزًا للرياضة الوطنية، ومحورًا للانتماء الجماهيري في عدن والجنوب على وجه الخصوص.

لكن مع اشتعال الحرب في عدن عام 2015، وتحولها إلى ساحة مواجهات عنيفة بين الأطراف المتنازعة، تحول الملعب من مسرح للفرح والحماس إلى ميدان قتال، ثم إلى أنقاض مهملة. ورغم مرور أكثر من تسعة أعوام على توقف المعارك في المدينة، لم تُبذل أي جهود حقيقية من قبل السلطات المحلية المتعاقبة — سواء كانت تحت إدارة المجلس الانتقالي الجنوبي أو الحكومة المعترف بها دوليًا — لإعادة تأهيل الملعب أو حتى تأمين موقعه من التآكل والتدمير المتواصل.

وبحسب مصادر رياضية محلية، فإن هناك تقارير تقنية أُعدّت في عام 2020 تشير إلى أن إعادة ترميم الملعب يتطلب نحو 15 مليون دولار أمريكي، لكن هذه التقارير لم تُقدّم رسميًا لأي جهة مانحة، ولا حتى تم إدراجها ضمن خطط إعادة الإعمار الوطنية أو المحلية. بل إن بعض المبادرات الفردية من مشجعين ورياضيين أُجهضت بسبب نقص التمويل، أو بسبب "البيروقراطية" وغياب الإرادة السياسية.

وتشير مصادر داخل وزارة الشباب والرياضة (في الحكومة المعترف بها) إلى أن "الأولويات الآن هي الخدمات الأساسية: المياه، الكهرباء، المستشفيات"، في تبريرٍ يُلقى به على عاتق الأزمات الإنسانية، رغم أن عشرات الملاعب الصغيرة في أنحاء البلاد تم ترميمها بأموال متواضعة، بينما يظل أكبر ملعب في جنوب اليمن في حالة إهمال مطلق.

أما في الجانب الآخر، فقد أبدى المجلس الانتقالي الجنوبي، في عدة بيانات سابقة، نيّته "إعادة تأهيل الملعب كجزء من مشروع إعادة بناء الهوية الجنوبية"، لكن لم يُنفذ أي مشروع عملي حتى الآن، ولم تُعلن أي ميزانية أو شراكة دولية لدعم المشروع.

وفي ظل غياب الرؤية والالتزام، يبقى ملعب 22 مايو — الذي كان يُعدّ من أجمل الملاعب في شبه الجزيرة العربية — شاهدًا صامتًا على حربٍ لم تكتفِ بقتل البشر، بل دمّرت أيضًا رموزهم الثقافية والرياضية. ويبقى السؤال معلقًا: هل ستُعاد له الحياة أم سيصبح مجرد صورة تُنشر كل سنة في الذكرى السنوية للحرب، كذكريات مُحزنة لا أكثر؟