المشهد اليمني

حقوقي ينتقد دعوة نقابة المعلمين للعودة إلى المدارس: ”خطوة فاشلة تكرّر أخطاءً سياسية وتُهمل كرامة المعلم”

السبت 13 سبتمبر 2025 04:59 مـ 21 ربيع أول 1447 هـ
الحقوقي عارف ناجي
الحقوقي عارف ناجي

انتقد الحقوقي والناشط في قضايا التعليم عارف ناجي، ما أعلنته نقابة المعلمين مؤخرًا من دعوة للكوادر التربوية للعودة إلى مقاعد العمل في المدارس، واصفًا الخطوة بأنها "فاشلة ومُخيبة للآمال"، وتكرارًا للأخطاء التاريخية التي غلبت عليها الحسابات السياسية على حساب المصلحة الوطنية والحقوق الإنسانية للمعلمين.

وفي تصريح حصري لـ"مرصد الحقوق التعليمية"، قال ناجي: "إن الدعوة إلى العودة دون ضمانات ملموسة لحقوق المعلمين الأساسية ليست مجرد خطوة غير واقعية، بل هي إهانة صريحة لكرامة المعلم الذي يُطلب منه أن يُعيد بناء مستقبل الأجيال وهو يُعاني من الجوع، ويُحرَم من الكسوة لأطفاله، ويعيش في ظل انعدام كامل للأمان الاجتماعي".

وأشار ناجي إلى أن النقابة، بدعواتها المتكررة دون ضغط حقيقي أو مفاوضات جادة، أصبحت أداة لإعادة إنتاج حالة التجميد التعليمي، مشيرًا إلى أن "البيانات الصحفية والخطابات الرنانة لا تُطعم طفلًا جائعًا، ولا تُلبس ابنة معلمًا ثوبًا جديدًا لدخول المدرسة، ولا تُعيد كتابة درسٍ توقف بسبب انقطاع المرتبات منذ أكثر من عامين".

وأكد أن "التعليم لن يستقيم بوعود فارغة، ولا بتصريحات تُقرأ في وسائل الإعلام ثم تُنسى عند باب وزارة التربية، بل باتفاق حقيقي، موثق، ومُلزم، يُعيد رسم خارطة طريق واضحة بين الحكومة والمعلمين، تبدأ بصرف المرتبات المتأخرة بالكامل، وتنتهي بضمان الحد الأدنى من الخدمات الصحية والاجتماعية للمعلمين وأسرهم".

وأضاف: "المعلم الذي لا يستطيع تأمين قوت يومه، ولا يملك حتى مبلغًا لشراء قلم أو دفتر لطلابه، كيف يُطلب منه أن يعود إلى فصول متهالكة، بلا كهرباء، بلا مياه، بلا أدوات تعليمية؟ هذا ليس طلبًا تعليميًا، بل هو استغلال منظم لمشاعر الالتزام الوطني لدى المعلمين، تحت ستار 'الواجب المهني'".

وحمّل ناجي الحكومة المسؤولية الكاملة عن استمرار انهيار القطاع التعليمي، مشددًا على أن "التوقف الحالي ليس نتيجة إضراب أو تنظيم نقابي، بل هو نتيجة تجاهل متعمد لحقوق الإنسان الأساسية. المعلم ليس مجرد موظف، بل هو ركيزة المجتمع، وإذا سقطت هذه الركيزة، فلن يبقى أي شيء من التعليم أو الاستقرار".

وأشار إلى أن "الحلول العملية العادلة" يجب أن تكون محور أي مسار مستقبلي، ومنها:

  • صرف المرتبات المتأخرة بنسبة 100% خلال 30 يومًا،
  • إعادة تفعيل نظام التأمين الصحي الشامل للمعلمين وأسرهم،
  • توفير مخصصات مالية مباشرة لدعم كسوة الطلاب،
  • تأهيل البنية التحتية للمدارس،
  • إنشاء آلية رقابية مستقلة لمتابعة تنفيذ الاتفاقات، بعيدًا عن التلاعب السياسي.

وأردف: "نحن لا نطالب بامتيازات، بل بحد أدنى من الكرامة. المعلم الذي يُنفق من جيبه الخاص على طلابه، والذي يُرسل أبناءه إلى المدارس وهو لا يملك ثمن حقيبة مدرسية، هذا الإنسان يستحق أن يكون أول من يُستمع إليه، لا أول من يُستخدم كورقة ضغط سياسية".

وشدّد ناجي على أن "الطلاب لا يمكن أن يكونوا رهائن لصراعات سياسية أو تكتيكات نقابية غير مسؤولة. كل يوم يمر دون عودة فعلية للتعليم، هو خسارة لأجيال بأكملها. لكن العودة بدون عدالة لا تُبنى عليها أمة، بل تُبنى عليها مأساة جديدة".

ودعا ناجي النقابات التعليمية والمجتمع المدني والمنظمات الدولية إلى "الخروج من دائرة التصريحات ودخول دائرة المساءلة"، مطالبًا بإطلاق حوار وطني شامل يضم المعلمين، وأولياء الأمور، والخبراء التربويين، والمجتمع الدولي، لوضع خطة إنقاذ طارئة للتعليم، تُحترم فيها حقوق الإنسان قبل أي اعتبار آخر.

وفي ختام تصريحه، قال: "إذا كانت الحكومة تريد حقًا إعادة التعليم، فلتحل مشكلة المعلم أولاً… فليس هناك تعليم دون معلم، وليس هناك معلم كريم إلا إذا شعر أنه مُحترم، ومُكفول، ومُستحق".