لماذا لا تستطيع ”إسرائيل” فرض ”هيمنة مطلقة” على المنطقة رغم الدعم الأمريكي المطلق؟ سياسي سعودي يجيب

أكد المحلل السياسي السعودي ورئيس مركز ديمومة للدراسات والبحوث، الدكتور تركي القبلان، أن إسرائيل لا تملك القدرة على فرض هيمنة مطلقة على منطقة الشرق الأوسط، رغم ما يُروّج عن تفوقها العسكري والتقني. جاء ذلك في منشور له عبر منصة "إكس"، رصده "المشهد اليمني"، تناول فيه أبعاد القوة الإسرائيلية ومحددات تأثيرها الإقليمي.
وأوضح القبلان أن هذه الرؤية لا تنطلق من قناعة وجدانية، بل تستند إلى معطيات علمية واستراتيجية دقيقة، مشيرًا إلى أن عناصر القوة الشاملة لدى إسرائيل تعاني من محدودية واضحة، سواء من حيث الجغرافيا أو الديموغرافيا أو الموارد. وأضاف أن إسرائيل، التي تحتل مساحة بنحو 22 ألف كيلومتر مربع ويقطنها قرابة 10 ملايين نسمة، لا تمتلك القدرة على إدارة حروب طويلة أو السيطرة الجيوسياسية على مساحات واسعة، ما يضعف من قدرتها على بناء "جدار بشري" مستدام.
وأشار إلى أن إسرائيل تواجه هشاشة جيوسياسية واقتصادية، إذ تقع في بيئة إقليمية معادية أو على الأقل غير متقبّلة لها، وتعتمد بشكل كبير على الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي من الولايات المتحدة وأوروبا، ما يجعل مشروع هيمنتها مرتبطًا باعتبارات خارجية لا تملك السيطرة عليها.
وفي تحليله للواقع الإقليمي، لفت القبلان إلى أن الشرق الأوسط لا يشكل فراغًا استراتيجيًا يمكن لإسرائيل ملؤه، بل هو ساحة مزدحمة بالفاعلين المؤثرين، مثل السعودية التي تمتلك ثقلًا سياسيًا واقتصاديًا وروحيًا متصاعدًا، وتضطلع بأدوار محورية في ضبط التوازن وصناعة التحالفات، وتركيا التي تتمتع بامتدادات استراتيجية متعددة، وإيران التي رغم أزماتها لا تزال تحتفظ بشبكات نفوذ نشطة، ومصر التي تحافظ على عمق جغرافي وثقل سكاني واستدارة استراتيجية.
كما شدد القبلان على أن الهيمنة لا تتحقق بالقوة العسكرية وحدها، بل تتطلب شرعية وقبولًا إقليميًا، وهو ما تفتقر إليه إسرائيل في نظر الشعوب العربية التي تعتبرها كيانًا محتلًا، حتى في ظل اتفاقات التطبيع التي تبقى مرفوضة شعبيًا ومعنويًا.
وفي السياق ذاته، أشار إلى محدودية قدرة إسرائيل على خوض حروب استنزاف طويلة، حيث تقتصر قوتها على تنفيذ ضربات نوعية مدعومة أمريكيًا، كما ظهر في المواجهة الأخيرة مع إيران، والتي اتسمت بضربات محدودة ومحسوبة أعقبها توقف سريع.
واختتم القبلان تحليله بالإشارة إلى التحولات في بنية النظام الدولي نحو تعدد الأقطاب، ما يُضعف فرص الدول الصغيرة، كإسرائيل، في فرض هيمنة مطلقة، في ظل صعود قوى مثل الصين وروسيا ومحور (الرياض – القاهرة)، الذي يسعى إلى بناء توازنات بديلة. ولفت إلى أن إسرائيل تعتمد على التقنية كبديل عن نقصها البنيوي، بينما تعتبر السعودية التقنية رافعة تكميلية لقوة شاملة ومتعددة الأبعاد.