خدعة ”الشنطة الكريستال” تجتاح صنعاء: نصاب يختفي... وخلفه ”حجار وفول فارغ”!

في حادثة غريبة تكشف عن براعة مُجرم في التمثيل والخداع، وقع مواطن يمني في صنعاء أمس ضحية عملية نصب محكمة، استغل فيها ثقة المواطن وحسن نيته، ليختفي بعدها مع مبلغ مالي، تاركًا خلفه شنطة "كريستال" لا تحوي سوى مخلفات منزلية وملابس بالية، في مقلب مُهين أثار استياء واسعًا بين المتابعين.
بحسب رواية المواطن المتضرر، فقد كان يقف بالقرب من منطقة "فرزة صنعاء" – وهي نقطة مرورية معروفة – عندما اقترب منه رجل في مظهر المسافر، حاملًا شنطة فاخرة من نوع "كريستال"، وسأله عن مكان "الفرزة". وعندما وجّهه المواطن إلى المكان، فاجأه المسافر بطلب غير متوقع:
"يا عمنا، معك في جيبك عشرة آلاف ريال؟ أنا معي 500 ريال سعودي، وصاحب السيارة مستعجل ويشتي حسابه وما معي صرف. خلّ شنطتي عندك وهات لي عشرة آلاف أروح أحاسبه وبصرف وأرجع لك."
وأضاف المتضرر: "بكل ثقة وضعت المبلغ في جيبه، وهو يؤكد لي أنه سيعود خلال دقائق، وأن الشنطة 'قيمة' وتحتوي على أشياء مهمة، وطلب مني 'الإشراف عليها' لحين عودته."
ساعة انتظار... ثم الصدمة!
مكث المواطن قرابة الساعة يراقب الشنطة بحرص، ينتظر عودة الرجل الذي بدا في مظهر المسافر العادي، لكنه لم يعد. بدأ القلق يتسلل إليه، فقرر فتح الشنطة بعد أن أدرك أنه وقع في فخ.
ما وجد داخلها كان صادمًا:
- ملابس قديمة وممزقة.
- حجار صغيرة غير ذات قيمة.
- عبوات فول فارغة.
- بعض المأكولات الملفوفة بطريقة عشوائية.
- لا وثائق، لا أجهزة، لا شيء يوحي بأنها شنطة مسافر أو تحتوي على أي مقتنيات ثمينة.
اختفاء تام... وكاميرات "مش شغالة"!
حاول المواطن البحث عن الرجل أو السيارة التي ذكرها، لكن دون جدوى. وبحسب قوله، لم تكن هناك كاميرات مراقبة تعمل في المكان، أو على الأقل لم تُسجّل اللحظات الحاسمة التي شهدت تنفيذ الخدعة.
غادر المتضرر المكان وهو "محطم نفسيًا"، كما وصف حالته، ليس فقط بسبب خسارته المالية – وهي مبلغ لا يستهان به في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة – بل أيضًا بسبب الإحساس بالخيانة والخداع، بعد أن استغل النصاب حُسن نيته وثقته في الآخرين.
خبراء: جريمة ذكية تستهدف "الثقة الاجتماعية"
وصف خبراء في الجرائم الاجتماعية هذه الحادثة بأنها "جريمة ذكية" تستهدف القيم المجتمعية، خاصة ثقة الناس ببعضهم، وحسن الضيافة، واستعداد اليمنيين لمساعدة الغريب. وقال أحد المختصين:
"هذا النوع من النصب يعتمد على التمثيل الجيد، واختيار الضحية المناسبة، واستغلال اللحظة النفسية والمكان المناسب. النصاب هنا درس المشهد جيدًا، واختار شخصًا يبدو متعاونًا وطيبًا، ثم نسج له قصة مُقنعة تلامس الواقع – مثل عجلة السفر وحاجة السائق للحساب – مما جعل الضحية لا يشك."
نداءات للسلطات والمواطنين:
أطلق ناشطون على مواقع التواصل نداءات للسلطات المحلية في صنعاء بضرورة التحقيق في الحادثة، ونشر وصف النصاب وصورته إن أمكن، تحسبًا لتكرار العملية في أماكن أخرى. كما حذّروا المواطنين من التعامل مع غرباء يقدمون عروضًا مالية أو يطلبون "حفظ أمتعة" مقابل مبالغ نقدية، مهما بدت القصة منطقية.
تبقى هذه الحادثة درسًا مؤلمًا في زمن تراجعت فيه الثقة، وأصبحت حتى "الشنطة الفاخرة" قد تحمل وراءها خدعة قذرة. المواطن اليمني، الذي عُرف بكرمه وحسن ضيافته، يجد نفسه اليوم مُجبرًا على التفكير ألف مرة قبل مد يد العون... خشية أن تكون يد الخداع هي الأخرى ممدودة له.