”الباب عَلِق... فدفعوا ثمنه بأرواحهم! قصة مأساة تهزّ الجالية اليمنية في الرياض”

لقي ثلاثة مغتربين يمنيين مصرعهم، يوم أمس، في العاصمة السعودية الرياض، في حادث مأساوي هزّ أوساط الجالية اليمنية، بعد أن انهمرت عليهم أطنان من مواد البناء (النيس والكري) إثر تعطل مفاجئ في آلية تفريغ شاحنة قلاب أثناء عملهم في موقع إنشائي.
وفقًا لمصادر شهود عيان من موقع الحادث، كان السائق جبران دامغ (سائق شاحنة قلاب) يقوم بتفريغ حمولته كما اعتاد، حين علِق الباب الخلفي لصندوق الشاحنة ولم ينفتح بالطريقة الآلية المعتادة. وتحت ضغط العمل وغياب بديل فوري، نزل السائق من مقصورته وبدأ يطرق على الباب الخلفي بيديه في محاولة يدوية لفتحه — وهي ممارسة شائعة لكنها بالغة الخطورة.
وبينما كان زميلاه — سلطان أحمد الفقيه وعلي عبد الله محمد القساس — يقفان بالقرب منه لمساعدته أو مراقبة العملية، انفتح الباب فجأة تحت ضغط الحمولة المتراكمة، فانهمرت كميات هائلة من الرمال والحصى والركام دفعة واحدة، طمرت الثلاثة تحتها في لحظات.
محاولات إنقاذ يائسة
هرع زملاء الضحايا فورًا إلى الموقع، وحاولوا بكل قوتهم إزاحة الركام عن جثثهم، مستعينين بأيديهم وأدوات بدائية، في سباق مع الزمن لإنقاذهم. لكن ثقل الحمولة وكثافة المواد التي انهمرت عليهم حالت دون أي فرصة للنجاة. وبعد دقائق معدودة، تأكد وفاة الثلاثة في موقع الحادث، لتتحول لحظة عمل روتينية إلى مأساة إنسانية مؤلمة.
تحذيرات مهنية: "غياب التدريب يقتل!"
في أعقاب الحادث، حذّر عدد من سائقي الشاحنات الثقيلة من تكرار مثل هذه الكوارث، مشيرين إلى أن أسبابها ليست تقنية فحسب، بل تنبع أساسًا من "غياب التوعية والتدريب الفني الكافي"، خاصة في مراحل استخراج رخص قيادة المركبات الثقيلة.
وأوضح السائقون أن التعامل مع أعطال آلية التفريغ — خاصة الباب الخلفي للقلاب — يتطلب إجراءات أمان صارمة، منها:
- إخلاء المنطقة المحيطة تمامًا قبل أي تدخل.
- استخدام أدوات مخصصة لتحرير الأبواب العالقة.
- منع التدخل اليدوي المباشر تحت أي ظرف.
- تدريب السائقين على محاكاة الأعطال وكيفية التعامل معها.
وأكدوا أن كثيرًا من السائقين — خاصة المغتربين — لا يتلقون أي تدريب عملي على هذه المخاطر، ويُتركون لمصيرهم في مواقع العمل، ما يحوّل أدواتهم اليومية إلى "قنابل موقوتة".
حزن يمني واسع.. ودعوات للتدخل العاجل
خيم الحزن على الجالية اليمنية في الرياض، التي تلقت نبأ وفاة المغتربين الثلاثة بصدمة وألم، خاصة أنهم كانوا يعيلون أسرًا في اليمن، ويعتبرون مصدر رزق أساسي لأحبائهم. وانتشرت التعازي والمناشدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع دعوات ملحة للجهات المعنية في المملكة العربية السعودية واليمن لاتخاذ إجراءات عاجلة، منها:
- إلزام شركات النقل والمقاولات بتدريب السائقين والعاملين على إجراءات السلامة.
- مراجعة آليات منح رخص القيادة الثقيلة، وإدراج مقررات تدريبية عملية على المخاطر المهنية.
- إلزام مواقع العمل بتوفير معدات السلامة والإشراف الفني أثناء عمليات التفريغ.
- إطلاق حملات توعية دورية تستهدف السائقين المغتربين بلغاتهم الأم.