“إعدام ميداني”… هكذا وصف سياسي يمني مقتل مديرة النظافة في تعز!

في تطور مثير يُعيد تسليط الضوء على أزمة انعدام الأمن وسيادة القانون في محافظة تعز اليمنية، اتهم السياسي اليمني البارز علي البخيتي، جهات نافذة داخل المحافظة بالمسؤولية المباشرة عن اغتيال أفتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة والتحسين، واصفًا الجريمة بأنها "إعدام ميداني موثّق مسبقًا"، في إشارة إلى وجود أدلة وتحذيرات سابقة لم تُؤخذ على محمل الجد.
وبحسب تصريحات البخيتي، فإن مقتل المشهري لم يكن مجرد جريمة عابرة، بل هو تتويج لسلسلة من التهديدات والمضايقات التي تعرضت لها منذ توليها منصبًا شائكًا في مؤسسة كانت تُوصف بـ"الفاشلة والغارقة في الديون". وكشف أن قيادة المحافظة، في محاولة لإعادة إحياء الصندوق، لجأت إلى البحث عن امرأة لتولي إدارته، ظنًا منها – بحسب البخيتي – أن المرأة ستكون "أقل قدرة على التصدي للفساد أو التحديات"، أو ربما "أقل خطورة" في حال فشلت.
وأضاف: "من بين عشر مرشحات، وافقت أفتهان المشهري وحدها على تولي المنصب، ليس طمعًا في منصب أو سلطة، بل كتحدٍ وطني وإنساني، لإثبات أن المرأة قادرة على التغيير، وأنها تستطيع أن تنقذ مؤسسة من الانهيار، وتحمي مدينتها من التلوث والفوضى".
وخلال فترة وجيزة، نجحت المشهري – وفق البخيتي – في تحقيق نقلة نوعية في أداء الصندوق، حيث تمكّنت من إعادة هيكلة العمل، وتحصيل الموارد، وتحسين خدمات النظافة في المدينة، ما جعلها هدفًا مباشرًا لقوى الفساد والمصالح التي كانت تستفيد من حالة الترهل والإهمال التي سادت سابقًا. وقال: "نجحت حيث فشل الرجال، فكان جزاؤها الموت".
لكن الأشد إثارة للصدمة، بحسب البخيتي، هو أن المشهري كانت على علم مسبق بالخطر المحدق بها، بل ورفعت صرخات استغاثة متكررة للجهات الأمنية والرسمية، قائلة: "سيقتلونني، احموني"، لكن لم يُستجب لها، بل "تركت وحيدة، مكشوفة، للذئاب"، في إشارة مباشرة إلى تواطؤ أو تقاعس متعمد من قبل المحافظ، ومدير الأمن، وشخصية أخرى ذكرها باسم "سالم الدست"، معتبرًا أن "جميعهم شركاء في دمها".
وأكد البخيتي أن الجريمة لم تكن مفاجئة، بل إن هناك "مذكرات رسمية موثقة" سبقت الحادث، تضمنت أسماء المتورطين المحتملين، وتفاصيل التهديدات، لكنها بقيت حبرًا على ورق. وتساءل بمرارة: "ما جدوى التحقيقات التي يقودها اليوم نفس الأشخاص الذين يُفترض أنهم متورطون في الجريمة؟"، معتبرًا أن أي تحقيق لا يبدأ بتوقيف المشتبه بهم من الجهات الأمنية والإدارية العليا في المحافظة سيكون "مسرحية هزلية تهدف إلى طمس الحقيقة".
وأثارت تصريحات البخيتي موجة واسعة من التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث طالب ناشطون وحقوقيون بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة ومحايدة، تتمتع بصلاحيات قضائية وأمنية، وتُخضع جميع المتهمين للمساءلة دون استثناء. كما دعا آخرون إلى فتح ملفات الفساد في مؤسسات تعز، واصفين جريمة اغتيال المشهري بأنها "جريمة ضد التنمية، وضد المرأة، وضد كل يمني يحلم بدولة مؤسسات".
وتُعدّ أفتهان المشهري من الوجوه النسائية البارزة التي برزت في المشهد اليمني خلال السنوات الأخيرة، ليس فقط كإدارية ناجحة، بل كرمز للتحدي والإصرار في مواجهة البيروقراطية والفساد والعنف الممنهج ضد النساء اللواتي يخترن الخروج من الأدوار التقليدية. ومقتلها يُعيد إلى الواجهة النقاش حول أمن النساء العاملات في المناصب العامة، وغياب الحماية القانونية والسياسية لهن في ظل انهيار مؤسسات الدولة.
وفي انتظار تحرك رسمي حقيقي، تبقى دماء أفتهان المشهري صرخة مدوية في وجه صمت السلطات، وتحديًا لضمير المجتمع اليمني، الذي يُفترض أن يرفض القتل كوسيلة للقضاء على الكفاءات والناجحات.