المشهد اليمني

”هربوه تحت أنظار الشرطة!” — كيف تمكن قاتل أفتهان المشهري من الإفلات بمساعدة قيادي عسكري؟

الإثنين 22 سبتمبر 2025 06:45 مـ 30 ربيع أول 1447 هـ
الحملة الامنية
الحملة الامنية

في تطور صادم يُلقي بظلاله على ملف جريمة اغتيال مديرة صندوق النظافة في تعز، "أفتهان المشهري"، كشفت مصادر أمنية وقضائية موثوقة عن تمكن القاتل المُدان، محمد صادق حميد قاسم حمود نصر المخلافي، الملقب بـ"الباسق"، من الهروب اليوم من قبضة الحملة الأمنية التي كانت تستعد لاعتقاله، وذلك بمساعدة قيادات عسكرية مرتبطة به.

وبحسب المصادر، فإن عملية الهروب لم تكن عفوية، بل جرت بتنسيق مُحكم وتدخل مباشر من شقيق القيادي البارز حمود سعيد المخلافي، وهو المدعو محمد سعيد المخلافي، القيادي في اللواء 170، والذي يُعد أحد أبرز الأذرع النافذة في مدينة تعز.

تفاصيل الهروب: منع الحملة.. كسب الوقت.. ثم التهريب

أكدت المصادر أن الحملة الأمنية التي انطلقت صباح اليوم لتنفيذ أمر القبض على القاتل، واجهت عراقيل ميدانية كبيرة عند وصولها إلى حي "الروضة"، حيث يُعتقد أن القاتل كان مختبئًا في أحد المنازل هناك. ولفتت المصادر إلى أن عناصر من اللواء 170، بقيادة محمد سعيد المخلافي، منعوا الحملة من الدخول إلى الحي أو تنفيذ أي عمليات مداهمة، تحت ذرائع أمنية غير معلنة.

وأشارت المصادر إلى أن هذا المنع المتعمد كان يهدف إلى كسب الوقت، لإتاحة الفرصة لتهريب القاتل من المنزل، ونقله عبر مسارات محددة إلى مكان آمن خارج نطاق التفتيش. وبعد نجاح عملية التهريب، سُمح للحملة الأمنية بالدخول والتفتيش — لكنها لم تعثر على أي أثر للقاتل، في مشهد وصفه مراقبون بأنه "مسرحية تغطية".

تصريح الشرطة يُثبت التورط الرسمي

في تأكيد رسمي غير مسبوق، أصدر ناطق شرطة تعز، اليوم، بيانًا صحفيًا أكد فيه صحة المعلومات التي تحدثت عن تدخل محمد سعيد المخلافي لمنع الحملة الأمنية من تنفيذ مداهمتها. وجاء في التصريح أن "القيادي في اللواء 170 اعترض الحملة الأمنية ومنعها من مداهمة أحد المنازل بحي الروضة، رغم رصد تواجد منفذ جريمة اغتيال الشهيدة أفتهان المشهري فيه".

هذا التصريح يُعد أول اعتراف رسمي من الأجهزة الأمنية بوجود تدخل عسكري مباشر لحماية متهم بجريمة قتل بشعة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات واسعة حول مدى سيطرة الدولة على أجهزتها الأمنية والعسكرية في تعز، ووجود مناطق خارجة عن سلطة القانون تُدار بمنطق القوة والعشائرية.

خلفية الجريمة: اغتيال "أفتهان" وصمت مريب

تُعد "أفتهان المشهري" من أبرز الشخصيات النسائية التي عملت في المجال الخدمي في تعز، وكانت تشغل منصب مديرة صندوق النظافة، وهي من الشخصيات التي نالت احترامًا واسعًا لجهودها في ظل ظروف الحرب والانهيار المؤسسي. وقد اغتيلت بدم بارد في ظروف غامضة، أثارت غضبًا شعبيًا واسعًا، وسط مطالبات بمحاكمة القاتل وإنزال أقصى العقوبات به.

لكن بعد أشهر من الجريمة، لا يزال ملفها يراوح مكانه، وتتعثر الإجراءات القضائية، فيما يُتهم القاتل بعلاقات وثيقة مع قيادات عسكرية وأمنية، ما يمنحه حماية غير رسمية ويُصعّب من مهمة القبض عليه أو محاكمته.

ردود فعل: غضب شعبي واتهامات للسلطة بالتواطؤ

أثارت عملية الهروب غضبًا عارمًا في أوساط المجتمع المدني والحقوقي في تعز، حيث وصفها ناشطون بأنها "فضيحة أمنية وسياسية"، واتهامات مُباشرة للسلطات المحلية والمركزية بالتواطؤ أو العجز عن تطبيق القانون.

وقال أحد المحامين المتابعين للقضية: "إن السماح لهروب قاتل بهذه البساطة، وبتدخل عسكري رسمي، يُعد ضربة قاصمة لسيادة القانون، ويُظهر أن بعض القيادات تضع نفسها فوق الدولة، وتحمي مجرمين على حساب دماء الضحايا".