المشهد اليمني

”أفتهان لم تمت... صرختها ما زالت تهزّ تعز!” — ما الذي يخشاه القتلة من غضب الشارع؟

الإثنين 22 سبتمبر 2025 10:30 مـ 30 ربيع أول 1447 هـ
كارثة بيئية
كارثة بيئية

تصاعدت المطالب الشعبية والرسمية في مدينة تعز، جنوب غرب اليمن، بضرورة تسريع القبض على قتلة الشهيدة "أفتهان" وتقديمهم للعدالة، في ظل حالة غضب عارمة تجتاح أوساط المجتمع المحلي، وسط تحذيرات من تداعيات خطيرة قد تطال الأمن المجتمعي والصحة العامة، لا سيما مع استمرار إضراب عمال النظافة الذي أدى إلى تراكم أكوام القمامة في شوارع المدينة وأحيائها السكنية.

وأكدت جهات محلية وأهالي المدينة في بيانات ووقفات احتجاجية متفرقة، أن التأخير في إنزال العدالة بحق الجناة "لن يمر دون عواقب"، محذرين من أن استمرار الإفلات من العقاب قد يُفاقم التوترات الاجتماعية، ويُشعل فتيل احتجاجات أوسع قد تخرج عن السيطرة، في مدينة تعاني أصلاً من تراكم الأزمات منذ سنوات الحرب.

وقال أحد وجهاء المدينة : "إن الدماء التي تُسفك دون محاسبة تُفقد الناس ثقتهم في الدولة ومؤسساتها، وتفتح الباب أمام الفوضى والانتقام الفردي. نحن نطالب بإجراءات فورية وشفافة، وإلا فإن تعز لن تصمت".

كارثة بيئية وشيكة

في المقابل، يعيش سكان تعز وضعاً صحياً وبيئياً متردياً، حيث تحولت شوارعها الرئيسية والفرعية إلى مكبات عشوائية للنفايات، بعد دخول إضراب عمال النظافة يومه الخامس على التوالي، احتجاجاً على تأخر صرف رواتبهم وتردي أوضاعهم المعيشية.

وأوضح ناشطون محليون أن أكوام القمامة بدأت تجتذب الحشرات والقوارض، وتُسبب روائح كريهة تزكم الأنوف، فيما يتخوف الأطباء من انتشار أمراض معدية مثل الكوليرا وحمى الضنك، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة وقرب موسم الأمطار الذي قد يُفاقم من تلوث المياه.

وقال الدكتور "محمد القباطي"، استشاري الأمراض المعدية في مستشفى الثورة العام: "نحن على حافة كارثة صحية. البيئة الملوثة تُعد بيئة خصبة لتفشي الأوبئة، وغياب خدمات النظافة يضعنا أمام سيناريو كارثي، خاصة مع ضعف المنظومة الصحية ونقص الأدوية".

نداءات للسلطات المحلية والدولية

في هذا السياق، وجّه ناشطون وحقوقيون نداءات عاجلة للسلطات المحلية والمنظمات الدولية، داعين إلى التدخل الفوري لحل أزمة النظافة، ودفع رواتب العمال، وضمان استمرار عملهم، إلى جانب الضغط من أجل تحقيق عاجل وشفاف في جريمة مقتل "أفتهان"، التي باتت رمزاً لمعاناة المرأة والمواطن في تعز.

وأضافت الناشطة الحقوقية "ليلى العريقي": "أفتهان ليست مجرد ضحية جريمة، بل هي صرخة ضد ثقافة الإفلات من العقاب. المدينة تُعاقب مرتين: مرة بقتل أبنائها، ومرة بإهمال صحتهم وبيئتهم. لا يمكننا السكوت بعد اليوم".

وكان مقتل الشهيدة "أفتهان" قد أثار موجة غضب واسعة في أوساط المجتمع، بعد أن تعرضت للقتل في ظروف غامضة لم تُكشف تفاصيلها بالكامل حتى اللحظة، ما دفع الأهالي إلى الخروج في مظاهرات عفوية مطالبة بالكشف عن القتلة وتقديمهم للعدالة، في خطوة نادرة تعكس تغيراً في وعي المجتمع تجاه قضايا العنف والقتل.

تعز على صفيح ساخن

بين مطلب العدالة ومطلب النظافة، تقف تعز اليوم على صفيح ساخن، حيث يتقاطع الغضب الاجتماعي مع الأزمة الإنسانية، ويُخشى أن يتحول الصمت الرسمي إلى شرارة تُشعل الأوضاع أكثر، في مدينة لم تعد تتحمل المزيد من التأجيلات أو التسويف.

فالعدالة المطلوبة ليست فقط لـ"أفتهان"، بل لكرامة كل مواطن، والنظافة المطلوبة ليست فقط للشوارع، بل لحياةٍ كريمة لا تُهدد بالمرض أو الموت البطيء.